الأستار، وعلمت من غوامضها الأسرار، وفزت بالمعلّى من سهامها، والموفور من أقسامها، جعلت بأيّ أئمتها أأتمّ وأهتدي، وإلى أي رؤسائها أنتسب وأعتزي، ناظرا في ذلك إلى شائع الأخبار، ومتداول الآثار، فوجدت الألسنة إذا تناولت صفة سواه، تحلّت بعض حلاه، أو أرقته إلى رتبة من العلياء، تمثّلت به في الرّفعة والسّناء، ثم تفرده أعزّه الله دونها بالفهم المتين، والعلم المشهور، والحلم المتعارف، والفضل المتواصف، والرّتبة السامية، والجلالة المتناهية، فكلّما رأيت محاسن مجده تجلى، وسور فضله تتلى، هممت أن أطير إلى حضرته بجناح الارتياح، وأركب إلى أفقه نوّره الله أعناق الرّياح، والأيّام تقطعني بمصائبها، وتقيّدني بأحداثها وبحوائبها، حتّى قضى الله أن يرد هذا الأفق فأخرخ الأمل بغير نصب، وأنال البغية بغير طلب (طويل) .
وليس الّذي يتّبّع الوبل رائدا ... كمن جاءه في داره رائد الوبل
ومنها- أن تفتتح المكاتبة بالتحيّة والسّلام.
كما كتب أبو المطرّف «١» بن عميرة:
تخصّ الابن محبّة ومقة، والعباد اعتدادا بجانبه وثقة، حفظ الله نجابته، وجعل لداعي السّيادة تلبيته وإجابته، تحيّة الإجلال والتّكرمة، والمودّة الخالصة المتحكّمة، ورحمة الله تعالى وبركاته، من مكان «٢» كذا، والودّ كلف، والعهد بالصّون من جميع جوانبه مكتنف، وتكلم الذات السنيّة ذخيرة جليلة، وأمل لا تخطيء منه مخيلة «٣» ، وهبة يكذب معها أن يقال الأيّام «٤» بخيلة. وكنّا نظنّ أنّ