للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحركات] «١» التي ما نهضوا إليها إلّا وجرّوا ذيول الخسار، ولقد عرّض نفسه وأصحابه لسيوفنا التي كان من سطواتها في أمان، ووثق بما ضمن له التّتار من نصره وقد رأى ما آل إليه [أمر] ذلك الضمان، وجرّ لنفسه بموالاة التّتار عناء كان عنه في غنى، وأوقع روحه بمظافرة المغل في حومة السيوف التي تخطّفت أولياءه من هنا ومن هنا، واقتحم بنفسه موارد هلاك سلبت رداء الأمن عن منكبيه، واغترّ هو وقومه بما زيّن لهم الشيطان من غروره فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه

«٢» وما هو والوقوف في هذه المواطن التي تتزلزل فيها أقدام الملوك الأكاسرة؟ وأنّى لضعاف النّقّاد قدرة على الثبات لوثبات الأسود الضّارية واللّيوث الكاسرة؟ لقد اعترض بين السّهم والهدف بنحره، وتعرّض للوقوف بين ناب الأسد وظفره، وهو يعلم أننا مع ذلك نرعى له حقوق طاعة أسلافه التي ماتوا عليها، ونحفظ له خدمة آبائه التي بذلوا نفوسهم ونفائسهم في التّوصّل إليها، ونجريه وأهل بلاده مجرى أهل ذمتنا الذين لا نؤيسهم من عفونا ما استقاموا، ونسلك فيهم حكم من في أطراف البلاد من رعايانا الذين هم في قبضتنا، نزحوا أو أقاموا، ونحن نتحقق أنه ما بقي ينسى ملازمة ربقة الحتف خناقه، ولا يرجع يورد نفسه في موارد الهلاك وهل يرجع إلى الموت من ذاقه؟ فيستدرك باب الإنابة قبل أن يغلق دونه، ويصون نفسه وأهله قبل أن تبتذل السيوف الإسلامية مصونه، ويبادر إلى الطاعة قبل أن يبذلها فلا تقبل، ويتمسّك بأذيال العفو قبل أن ترفع دونه فلا تسبل، ويعجّل بحمل أموال القطيعة وإلّا كان أهله وأولاده في جملة ما يحمل منها إلينا، ويسلّم مفاتح ما عدا عليه من فتوحنا وإلّا فهو يعلم أنها وجميع ما تأخّر من بلاده بين يدينا، ويكون هو السبب في تمزّق شمله، وتفرّق أهله، وقلع بيته من أصله، وهدم كنائسه، وابتذال نفسه ونفائسه، واسترقاق حرمه، واستخدام أولاده قبل خدمه، واستقلاع قلاعه، وإحراق ربوعه ورباعه، وتعجيل رؤية ما وعد به قبل

<<  <  ج: ص:  >  >>