وفي الحال خرج طاغية كفرهم، وزمام أمرهم ابن بارزان «١» سائلا أن يؤخذ البلد بالسّلام «٢» لا بالعنوة، وبالأمان لا بالسّطوة، وألقى بيده إلى التّهلكة، وعلاه ذلّ الملكة «٣» بعد عزّ المملكة، وطرح «٤» جبينه في التراب وكان جبينا لا يتعاطاه طارح، وبذل مبلغا من القطيعة لا يطمح «٥» إليه طرق آمل طامح، وقال: هاهنا أسارى مؤمنون «٦» يتجاوزون الألوف، وقد تعاقد الفرنج على أنهم إن هجمت عليهم الدار، وحمّلت الحرب على ظهورهم الأوزار، بديء بهم فعجّلوا، وثنّي بنساء الفرنج وأطفالهم فقتّلوا، ثم استقتلوا بعد ذلك فلم يقتل «٧» خصم إلّا بعد أن ينتصف، ولم يسلّ «٨» سيف من يد إلّا بعد أن تنقطع «٩» أو ينقصف، وأشار «١٠» الأمراء بالأخذ بالميسور، من البلد المأسور، فإنّه «١١» إن أخذ حربا فلا بدّ أن تقتحم الرجال الأنجاد، وتبذل أنفسها في آخر أمر قد نيل من أوّله المراد. وكانت الجراح في العساكر قد تقدّم منها ما اعتقل الفتكات، واعتاق «١٢» الحركات، فقبل منهم المبذول عن يد وهم صاغرون، وانصرف أهل الحرب عن قدرة وهم ظاهرون، وملك الإسلام خطّة كان عهده بها دمنة سكّان، فخدمها الكفر إلى أن صارت روضة جنان، لا جرم أنّ الله أخرجهم منها وأهبطهم، وأرضى أهل الحقّ