وكتاب الخادم وهو مجدّ في استفتاح بقيّة الثّغور، واستشراح ما ضاق بتمادي الحرب من الصّدور، فإنّ قوى العساكر قد استنفدت مواردها [وأيام الشّقاء قد مردت مواردها]«١» والبلاد المأخوذة المشار إليها قد جاست العساكر خلالها، ونهبت ذخائرها وأكلت غلالها، فهي بلاد ترفد ولا تسترفد، وتجمّ ولا تستنفد، وينفق «٢» عليها، ولا ينفق منها، وتجهّز الأساطيل لبحرها، وتقام المرابط لبرّها «٣» ، ويدأب في عمارة أسوارها، ومرمّات معاقلها، وكلّ مشقّة فهي بالإضافة إلى نعمة الفتح محتملة، وأطماع «٤» الفرنج فيما بعد ذلك مذاهبها غير مرجئة ولا معتزلة، فلن يدعوا دعوة يرجو الخادم من الله أنّها لا تسمع، ولن «٥» تزول أيديهم من أطواق البلاد حتّى تقطع.
وهذه البشائر لها تفاصيل لا تكاد من غير الألسنة تتشخّص، ولا بما سوى المشافهة تتلخّص. فلذلك نفّذنا «٦» لسانا شارحا، ومبشّرا صادحا، ينشر «٧» الخبر على سياقته، ويعرض جيش المسرّة من طليعته إلى ساقته «٨»