للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مصارعه وأعدمه رجوعه. وحين شرعت رياح النّصر تهب، وسحاب الدماء من مقاتلهم تصوب وتصب، وكرعت الصّفاح في موارد نحورهم، وكشفت الرّماح خبايا صدورهم، وما بقي إلّا أن تستكمل سيوفنا الرّيّ من دمائهم، وتقف صفوفنا على ربوات أشلائهم، وتقبض بالكفّ من صفحت الصّفاح عن دمه، وتكفّ بالقبض يد من ألبسته الجراح حلّة عندمه،- أظهروا الخرع «١» في عزائمهم، وحكّموا الطّمع في غنائمهم، فحصل لجندنا عجب أعجل سيوفنا أن تتمّ هدم بنائهم. وطمع منع جيوشنا أن تكفّ عن النّهب إلى أن تصير من ورائهم، فاغتنم العدوّ تلك الغفلة «٢» التي ساقها المهلكان، العجب والطّمع، وانتهز فرصة الإمكان «٣» ، التي أعانه عليها [المطمعان] «٤» إبداء الهلع، وتخلية ما جمع، فانتثر [من جمعنا] «٥» بعض ذلك العقد المنظّم، وانتقض من حزبنا ركن ذلك الصّفّ الذي أخذ فيه الزّحام بالكظم، وثبت الخادم في طائفة من ذوي القوّة في يقينهم، وأرباب البصائر في دينهم، فكسّرنا جفون السّيوف، وحطّمنا صدور الرّماح في صدور الصفوف، وأرينا تلك الألوف كيف تعدّ الآحاد بالألوف، وحلنا بين العدوّ وبين أصحابنا بضرب يكفّ أطماعهم، ويردّ سراعهم، ويعمي ويصمّ عن الآثار والأخبار أبصارهم وأسماعهم، إلى أن نفّسنا للمنهزم عن خناقه، وآيسنا طالبه عن لحاقه، ورددناه عنه خائبا بعد أن كادت يده تعتلق بأطواقه، وأحجم العدوّ مع ما يرى من قلّتنا عن الإقدام علينا، ورأى منا جدّا كاد لولا كثرة جمعه يستسلم به إلينا، وعادوا ولنا في قلوبهم رعب يثنيهم وهم الغالبون، [ويدركهم وهم الطالبون] «٦» ويسلبهم رداء الأمن وهم السالبون، وقد لمّ الخادم شعث رجاله، وضم فرقهم «٧» بذخائر ماله،

<<  <  ج: ص:  >  >>