وعلى الأئمة من ذرّيّتهما الذين تكفّلوا أمر الأمة نصّا، وامتطوا على منارها فلم يألوا جهدا ولم يتركوا حرصا، فالحاضر منهم يوفي على من كان [من] قبله، وأحزاب الحقّ فرحون بما آتاهم الله من فضله، وسلّم عليهم أجمعين سلاما لا انقطاع لدوامه، وشرّفهم تشريفا لا انفصام لإبرامه، وأسنى ومجّد، وتابع وجدّد.
وكتاب أمير المؤمنين هذا إليك يوم كذا عيد الفطر من سنة كذا: بعد أن وفّى الصّيام حقّه، وحاز أجر من جعل الله على خزائنه رزقه، وبعد أن أفطر بحضرته الأولياء من آله وأسرته، والمقدّمون من رؤساء دولته، والمتميّزون من أوليائه وشيعته. وكان من نبإ هذا اليوم أنّ أمير المؤمنين لمّا ارتقب بروزه من قصوره، وتجلّى فأشرقت الأرض بنوره، توجه إلى المصلّى قاضيا لسنّة العيد، فكانت نعمة ظهوره بالنّظر [للحاضر] وبالخبر للبعيد، واستقلّ ركابه بالعساكر المنصورة التي أبدت منظرا مفتنا معجبا، وجعلت أديم الأرض بالخيل والرّجل محتجبا، وذخرت الانتقام ممّن شقّ العصا، وتجاوزت في الكثرة عدد الرّمل والحصا، وزيّنت الفضاء بهيئتها، وروّعت الأعداء بهيبتها، وجمعت بين الطّاعة وشدّة الباس، وادّرعت من التّقوى أمنع جنّة وأحصن لباس، ولم يزل سائرا في السّكينة والوقار، ناظرا للدّنيا بعين الاحتقار، والثّرى بالجباه والشّفاه مصافح ملثوم، فهما موسومتان به وهو بهما موسوم، إلى أن وصل إلى مقرّ الصّلاة، ومحلّ المناجاة، فصلّى أتمّ صلاة وأكملها، وأدّاها أحسن تأدية وأفضلها، وأخلص في التّكبير والتّهليل إخلاص من لم يفت أمرا ويخشى الله ويتّقيه ونصح في إرشاده ووعظه، وأعرب ببديع معناه وفصيح لفظه، وعاد إلى مثوى كرامته، وفلك إمامته، محمود المقام، مشمولا بالتوفيق في النّقض والإبرام. أعلمك أمير المؤمنين ذلك لتذيعه فيمن قبلك، وتشكروا الله على النّعمة الشاملة لهم ولك، فاعلم هذا واعمل به، إن شاء الله تعالى. وكتب في اليوم المذكور.
وهذه نسخة كتاب في معنى ذلك، والدّولة مشتملة على وزير، عن الحافظ