لدين الله «١» العلويّ خليفة الديار المصريّة، في سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة، وهي:
الحمد لله الذي أعزّ الإسلام وشيّد مناره، وأيّد أولياءه ونصر أنصاره، وأظهر في مواسمه قوّته واستظهاره، وختم الشّرائع بشرف أبديّ فكان حظّها منه إيثاره، وحظّ الإسلام استبداده به واستئثاره، وصلّى الله على جدّنا محمد الذي كرّمه باصطفائه، وأسعد من حافظ على اتّباع نهجه واقتفائه، وبيّن بشرعه ما حلّله وحرّمه، ودعا الأمة بإرساله إلى دين قيّم أعلى بناءه وأحكمه، ووعدهم على مفروضه ومسنونه جزيل الأجر، وأمر في اعتقاد خلافه بالدّفع والمنع والزّجر، وعلى أخيه وابن عمّه أبينا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب أوّل الأئمة الخلفاء، والمشتهرة فضائله اشتهارا ليس به من خفاء، ومن حباه الله المحلّ الرفيع والمنّ الجزيل، وخصّه من الشّرف بما جاء فيه من محكم التّنزيل، وعلى الأئمة من ذرّيّتهما القائمين بفرض الله والمؤدّين لحقوقه، والذين كفلت أمانتهم بانبساط نور الحقّ وانتشار لوائه وخفوقه، وسلّم وكرّم، ومجّد وعظّم.
وكتاب أمير المؤمنين إليك يوم كذا عيد الفطر من سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة، الذي أمر الله فيه بما نهى عنه من قبله، وضاعف الأجر بكرمه وفضله، فرفع تكاليف الصّوم، وأوجب الإفطار في هذا اليوم، وساوى في ذلك [بين] كلّ متهم ومنجد، وأمر بني آدم فيه بأخذ الزّينة عند كلّ مسجد، وكان من خبره أن الفجر لمّا طلع مبشّرا بالشمس، ومؤذنا ببعثها من الرّمس، تتابعت الجيوش الموفورة، والعساكر المنصورة، إلى أبواب القصور الزاهرة توكّفا لأنوار أمير المؤمنين، وترقّبا لظهوره قاضيا حقّ الدّين، فلما أسفر الصّبح وأضاء، وملأت الخلائق الفضاء، تجلّى من أفلاك إمامته، وبرز فأغبط كلّ مؤمن بثباته على المشايعة وإقامته، وكان ظاهرا وهو محتجب بالأنوار، وممتنعا وهو منتهب