المحروسة ومصر على جاري عادته، وقديم سيرته، ونودي على الماء بوفائه ستة عشر ذراعا وإصبعا من سبعة عشر ذراعا، واستبشر بالنّعمة بذلك الخلائق، وواصلوا بالشّكر مواصلة لا تستوقفهم عنها العوائق، وبدا من مسرّات الأمم وابتهاجهم ما يضمن لهم من الله المزيد، وينيلهم المنال السعيد، ويقضي لهم بالمآل الحميد. وموصّل هذا الأمر إليك فلان، فاعتمد عند وصوله إليك إكرامه وإعزازه، وإجمال تلقّيه وإفضاله، إلى ما جرت به عادة مثله من رجاء، وتنويه واحتفاء، وإكرام واعتناء، ليعود شاكرا. فاعلم هذا واعمل به إن شاء الله تعالى.
وهذه نسخة أخرى من ذلك، من إنشاء ابن الصّيرفيّ، وهي:
أولى ما تحدّث به ناقله وراويه، وتعجّل المسرّة به حاضره ورائيه، ما كانت الفائدة به شائعة لا تتحيّز، والنّعمة به ذائعة لا يتخصّص أحد بشمولها ولا يتميز، إذ كان علّة لتكاثر الأقوات، وبها يكون التّماثل في البقاء والتساوي في الحيات، وذلك ما منّ الله تعالى به من وفاء النّيل المبارك، فإنه انتهى في يوم كذا في سنة كذا، إلى ستة عشر ذراعا وزاد إصبعا من سبعة عشر ذراعا، وقد سيّرنا، أيّها الأمير، فلانا بهذه البشرى إليك، وخصّصناه بالورود بها عليك، فتلقّها من الشّكر بمستوجبها، واستقبلها من الابتهاج والاغتباط بما يليق بها، واجعل الرّسوم التي جرت العادة بتوظيفها لفلان بن أبي الرّدّاد محمولة من جهتك إلى حضرتنا، لتولى إليه من جهتنا، فاعلم هذا واعمل به إن شاء الله تعالى، وكتب في اليوم المذكور.
وهذا الصّنف من المكاتبات متداول بالديار المصريّة إلى آخر وقت، يكتب به في كلّ سنة عن الأبواب السلطانية إلى نوّاب السّلطنة بالممالك الشاميّة عند وفاء النّيل، وتسير به البريديّة، وربّما جبي للبريديّ من الممالك شيء بسبب ذلك.
وإذا كانت الدّولة عادلة ضمّن الكتاب أنه لا يجبى للبريديّ شيء بسبب ذلك.