أحد منهم من أن تحيط لنا بعنقه ربقة أسر، أو منّة عفو، إنه جلّ ثناؤه بذلك جدير، وعليه قدير.
ويجب أن تنفّذ إلى حضرتنا الوثيقة المكتتبة على باد الكرديّ إن كنت لم تنفّذها إلى أوان وصول هذا الكتاب، لتكون في خزائننا محفوظة، وفي دواويننا منسوخة، وأن تتصرّف في أمر رسله وفي بقيّة- إن كانت بقيت من أمره- على ما يرسمه لك عنّا أخونا وعدّتنا أبو حرب، فرأيك في العمل على ذلك، وعلى مطالعتنا بأخبارك وأحوالك، وما يحتاج إلى علمه من جهتك، موفّقا إن شاء الله تعالى.
وأما الإذمام فيختلف الحال فيه باختلاف الملوم فيه والمذموم بسببه. فمن ذلك الذمّ على [ترك] الطاعة وشقّ العصا.
كما كتب عمارة «١» يصف شخصا بأنه لمّا ارتفع مكانه، وعلا قدره، بطر معيشته، وخرج عن طاعة الخليفة، وأن فلانا كان ممّن عرفت حاله، في غموض أمره، وخمول ذكره، وضيق معيشته، وقلّة عدده وناهضته، ولا تجاوز حياته ما يقوله، ولا يتعاطى ما وراء ذلك ولا يرومه، ولا يمنّيه نفسه، ولا يدفع يد لامس عنه بقوّة تنوء بملأ، ولا عزّ يلجأ إليه، فأنعم عليه أمير المؤمنين وأكرمه وشرّفه، وبلغ به الغاية التي لم يكن يرجوها ولا ترجى له، وبسط له من الدّنيا، وآتاه من غضارتها ونعمتها، وعزّها وسلطانها، ما لم يؤت أحدا من أهل زمانه، فلما مكّن الله له في الدنيا طغى وتجبّر، وعلا وتكبّر، وظنّ أن الذي كان فيه شيء قاده إلى نفسه بحوله وقوّته، تهويلا من الشّيطان واستدراجا منه له.