والجذل بمتجدّد الفتح، وأنّ ذلك إنّما تهيّأ بسعادته، وعلوّ رأيه وانبساط هيبته، وما عوّده من إظهار أوليائه، وخذلان أعدائه، وأنّهم قد أشاعوا هذا النبأ في الخاصّة والعامّة من رعاياه فابتهجوا به، وشكروا الله تعالى عليه ودعوا له بصالح الدعاء.
وإن صدرت من ولاة الحرب إلى السلطان، فينبغي أن يكون ما يجيبهم به مبنيّا على حمد الله تعالى على عوارفه، والرّغبة في مضاعفة لطائفه، وشكره على إنجاز وعده في الإظفار بأعداء الملّة والدّولة ونحو هذا. ومخاطبة أهل الطاعة بما يرهف عزائمهم، ويقوّي شوكتهم، وتقريظ والي الحرب ووصفه بما يشحذ بصيرته في الخدمة، والثّناء على الأجناد، ووعدهم بجزيل الجزاء على الجهاد والإبلاء، إلى غير هذا مما يقتضيه الحال، ويوجبه تدبير الأمر الحاضر.
وأما الجواب عن الكتب الواردة بالاعتذار عن السلطان عند ما يحصل له زلل في التدبير أو [في] الظّفر بقبض الأعداء على جيش من جيوشه، فإنما تقع الإجابة عنها إذا نفّذت إلى أحد العمّال خصوصا. قال في «موادّ البيان» : وحينئذ فينبغي أن يكون الجواب عنها مبنيّا على تقوية نفس السلطان وتوثيقه بالأدلّة، وأن ما ناله لا يتوجّه كثيرا على ذوي الحرم، إلّا أن عواقب الفلج والظّفر والإصابة في الرّأي والتدبير تكون لهم، ونحو هذا مما يجاريه ويليق به.
قال: أما إذا كانت المكاتبة في ذلك إلى الكافّة، ممهّدة لعذر السلطان، قاطعة قالة «١» الرّعية عنه، فإنه لا جواب عنها؛ لأنها إذا لم توجّه إلى واحد بعينه لا تستدعي خطابا.
وأما الجواب عن الكتب الواردة عن السلطان بالنّهي عن التّنازع في الدّين، إذا صدرت إلى العمّال، وأمروا بقراءتها على الرّعايا على منابر أعمالهم، فإنه يبنى الأمر فيها على امتثال الأمر، والمطالعة بارتسام القوم ما رسم لهم فيها. أما إذا كانت صادرة لتقرأ على العامّة ليبصروا ما فيها ويعلموا عليه، فإنه لا جواب عنها؛