لأنها إنما تشتمل على مواعظ ومراشد تتخوّل بها الأئمة رعاياهم.
وأما الجواب عن الكتب الواردة بالأوامر والنّواهي، فقد ذكر في «موادّ البيان» أن الكتاب الوارد في ذلك، إن كان شيئا قد جزم المتبوع فيه الأمر، وضيّق على التّابع في إيثاره سبيل المراجعة فيه، فإن الجواب عنه سهل؛ لأنه إنما يجيب بجواب جامع، وهو وقوفه على أمر به وإنفاذه له. وإن كان الوارد أمرا محتملا للمراجعة، من حيث إنّ في إمضائه إذا أمضي إفسادا للعمل، وإخلالا بأسباب الملك والسلطان، فالجواب عنه شاقّ صعب؛ لأنه ينبغي أن يبنى على تلطّف شديد في الإبانة عما ينتجه ذلك المأمور به إذا أنفذ على وجهه من فتق وخلل، ومورد المراجعة في ألفاظه لا يتبيّن فيه إزراء على رأي الرئيس ولا طعن في تدبيره، بأن تكون ناطقة بأنّ رأيه الأعلى، وتدبيره الأصوب، فيكون باطن الكلام توقيفا على الصّواب، وظاهره تصويبا وتقريظا؛ لأن كثيرا من الرؤساء والملوك يعجبون بآرائهم، وينزلون أنفسهم بحكم الرياسة في منزلة من لا يراجع ولا يعارض فيما يأمر به.
قال: وقد تأتي من كتب الأوامر كتب يأمر الرئيس فيها المرؤوس بشرح حال واقتصاص أمور. ثم قال: وأجوبة هذه الكتب يجب أن تكون مستقصية للمعنى المنشرح، مستولية على حواشيه، غير مخلّة بشيء مما يحتاج إلى تعرّفه منه.
وأما الجواب عن الكتب الواردة عن الإمام عند حدوث الآيات السماوية، وهي مشتملة على مواعظ ومراشد يتخوّل بها الأئمة رعاياهم، فإذا صدرت إلى العمّال وأمروا بقراءتها على الرّعايا، فأجوبتها إنما تبنى على امتثال الأمر والمطالعة بارتسام القوم ما رسم لهم فيها. أما إذا كانت صادرة لتقرأ على العامّة ليتبصّروا بما فيها ويعملوا عليه، فإنه لا جواب عنها.
وأما الجواب عن التّنبيه على مواسم العبادة، فإنه يصدر عمّن ورد عنه إلى الإمام بعد شهود ذلك الموسم، والانفصال عنه على حال السلامة، كما في صلاة