القنوط على أطماعها، وتفاءل بما اعتمده له، وفوّضه إلى نظره، من الحلية بحقائقه، والتوكيد بما لم تزل المخايل فيه لائحة، والأمارات منه واضحة، والشّواهد به صادقة، والدّلائل عليه ناطقة، حتّى تدارك بنعمة الله الدّين بعد أن طمس مناره، وتعفّت آثاره، ودرست رسومه، وغارت نجومه، وأنحى الشيطان بجرانه، واشرأبّ لتبديله بعدوانه، وانتدب لنصرة الإسلام برأي يستغرق آراء الرّجال، وحلم يستخفّ رواسي الجبال، ورويّة تستخرج كوامن الغيوب، وتكشف عنها حنادس الشكوك، وباع لما يمتدّ إليه بسيط، وذراع لما ينتظم عليه رحيب، وصدر يتّسع لمعضلات الأمور، ويشرق في مدلهمّات الحوادث، فشرّد أعداء الله بعد أن اتصلت بهم مهلة الاغترار، وتطاولت بهم مدّة الإصرار، ومدّ رواق الملك وضرب قبابه، وثبّت أواخيه وأحصد «١» أسبابه، وقطع أطماع الملحدين، وأبطل كيد الكافرين، وفتّ في أعضاد المنابذين، فتحصّنت البيضة، واجتمعت الكلمة، واتّفقت الأهواء المتفرّقة، وانتظمت الآراء المتشعّبة، وسكنت الدّهماء المضطربة، وقرّت القلوب المنزعجة، وصدقت خواطر الصّدور المثلجة، وظهر الحقّ ورسخ عموده، وبهر جماله ونضر عوده، ونشرت أعلامه وطلعت سعوده، وعزّ أولياؤه ونصرت جنوده، وساخ بالباطل قدمه، وانقطعت وصائله وعصمه، وانبتّت حباله ورممه، وانحلّت أسبابه وذممه- حقيق بما بان من فضله، واستفاض في الأمّة من عدله، وعمّ كافّة الرّعية من طوله، ووصلت إلى الملّيّ والذميّ والدّاني والقاصي عائدة الخير في أيامه، وفائدة الأمن بمملكته وسلطانه، ومأمول لأفضل ما بدا لعبده من ثمرة اجتبائه واصطفائه، وما تغمّده به من النّعم العظيمة، والمواهب الجسيمة، وأسبغه عليه من العوارف السّنيّة، ورفعه إليه من المنازل العليّة، التي تقصر عنها همم ذوي الأقدار، وتقف دونها آمال أولي الأخطار، مقدّما له على أهل السّوابق من أنصار دولته، وأشياع دعوته.
فلو ترادفت ألسن العباد- أيّد الله أمير المؤمنين- على اختلاف لغاتهم،