سار في سهل اختال بصاحبه كالثّمل، وإن أصعد في جبل طار في عقابه كالعقاب وانحطّ في مجاريه كالوعل، متى ما ترقّ العين فيه تسهّل، ومتى أراد البرق مجاراته قال له الوقوف عند قدره: ما أنت هناك فتمهّل.
ومن حبشيّ أصفر يروق العين، ويشوق القلب «١» بمشابهته العين، كأن الشّمس ألقت عليه من أشعّتها جلالا، وكأنّه نفر من الدّجى فاعتنق منه عرفا واعتلق أحجالا، ذي كفل يزين سرجه، وذيل يسدّ إذا استدبرته منه فرجه، قد أطلعته الرّياضة على مراد فارسه، وأغناه نضار لونه ونضارته عن ترصيع قلائده وتوشيع ملابسه، له من البرق خفّة وطئه وخطفه، ومن النّسيم لين مروره «٢» ولطفه، ومن الرّيح هزيزها إذا ما جرى شأوين وابتلّ عطفه، يطير بالغمز، ويدرك بالرّياضة مواقع الرّمز، ويعدو كألف الوصل في استغناء مثلها عن الهمز.
ومن أخضر حكاه من الرّوض تفويفه، ومن الوشي تقسيمه وتأليفه، قد كساه النّهار واللّيل حلّتي وقار وسنا، واجتمع فيه من السّواد والبياض ضدّان لمّا استجمعا حسنا، ومنحه البازي حلّة وشيه، ونحلته الرّياح ونسماتها قوّة ركضه وخفّة مشيه، يعطيك أفانين الجري قبل سؤاله، ولمّا لم يسابقه شيء من الخيل أغراه حبّ الظّفر بمسابقة خياله، كأنه [تفاريق]«٣» شيب في سواد عذار، أو طلائع فجر خالط بياضه الدّجى، فما سجى، ومازج ظلامه النهار، فما أنار، يختال لمشاركة اسم الجري بينه وبين الماء في السّير كالسّيل، ويدلّ بسبقه على المعنى المشترك بين البروق اللّوامع وبين البرقيّة من الخيل، ويكذب [المانويّة]«٤»