للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لتولّد اليمن فيه بين إضاءة النّهار وظلمة اللّيل.

ومن أبلق ظهره حرم، وجريه ضرم، إن قصد غاية فوجود الفضاء بينه وبينها عدم، وإن صرّف في حرب فعمله ما يشاء البنان والعنان وفعله ما تريد الكفّ والقدم، قد طابق الحسن البديع بين ضدّي لونه، ودلّت على اجتماع النّقيضين علّة كونه، وأشبه زمن الرّبيع باعتدال اللّيل فيه والنّهار، وأخذ وصف حلّتي الدّجى في حالتي الإبدار والسّرار، لا تكلّ مناكبه، ولا يضلّ في حجرات الجيوش راكبه، ولا يحتاج ليله المشرق بمجاورة نهاره إلى أن تسترسل فيه كواكبه، ولا يجاريه الخيال فضلا عن الخيل، ولا يملّ السّرى إلّا إذا ملّه مشبهاه: النّهار واللّيل، ولا تتمسّك البروق اللّوامع من لحاقه بسوى الأثر فإن جهدت فبالذّيل، فهو الأبلق الفرد، والجواد الذي لمحاربه العكس وله الطّرد، قد أغنته شهرة نوعه في جنسه عن الأوصاف، وعدل بالرّياح عن مباراته لسلوكها له في الاعتراف جادّة الإنصاف.

فترقّى المملوك إلى رتب العزّ من ظهورها، وأعدّها لخطبة الجنان إذ الجهاد عليها من أنفس مهورها، وكلف بركوبها فكلّما أكمله عاد، وكلما أملّه شره إليه فلو أنّه زيد الخيل «١» لما زاد، ورأى من آدابها ما دلّ على أنها من أكرم الأصائل، وعلم أنّها ليومي سلمه وحربه جنّة الصّائد وجنّة الصائل «٢» ، وقابل إحسان مهديها «٣» بثنائه ودعائه، وأعدّها في الجهاد لمقارعة أعداء الله وأعدائه [والله تعالى يشكر برّه الذي أفرده في النّدى بمذاهبه، وجعل الصّافنات الجياد من بعض مواهبه] «٤»

<<  <  ج: ص:  >  >>