وهذه نسخة تهنئة بالخلافة، أوردها في «موادّ البيان» : وهي:
أولى النّعم- خلّد الله ملك مولانا أمير المؤمنين- بأن تنطق بها ألسن الذّاكرين يضوع عطرها، وتتناقلها أفواه الشّاكرين يفوح نشرها- نعمة إيلائه في خلافته التي جعلها ذخرا للأنام، وعصمة للإسلام، وحاجزا بين الحلال والحرام، وقواما للائتلاف والاتّفاق وزماما عن الاختلاف والافتراق، ونظاما لصلاح الخاصّة والعامّة، وسبيلا إلى اجتماع الكلمة وسكون الأمّة، وسببا لحقن الدّماء، ودعة الدّهماء، ومجاهدة الأعداء، وإقامة الصّلوات، وإيتاء الزّكوات، والعمل بالفرائض والسّنن، وحسم البدع والفتن، وعدقها بالأخيار ورثة نبيّه وعترته، والأبرار الطّهرة من أرومة رسوله وشجرته، الّذين نصبهم دعاة إلى طاعته، وهداة لبريّته، وأعلاما لشريعته، يأمرون بالمعروف ويأتمرون، وينهون عن المنكر وينتهون، ويقضون بالحقّ وبه يعدلون؛ وكلّما لحق منهم سلف بمقرّ أوّليّته أقام خلفا يختصّه بانتخابه وتكرمته.
والحمد لله الذي قصر خلافته على أمير المؤمنين وآبائه، وجعل منهم الماضي الّذي كانت مفوّضة إليه، والآتي الّذي أقرّت عليه، وأنجز لهم ما وعدهم من إبقاء الإمامة، في عقبهم إلى يوم القيامة، واستخلص لها في عصرنا هذا وليّها الحامي لحقيقتها، المرامي عن حوزتها، المعزّ لكلمتها، الرّافع لرايتها، المحدّد لحدودها، الحافظ لعقودها، وسلّم قوسا منه إلى باريها، وناطها بكفئها وكافيها، وأفضى إليه بشرف الولادة والأبوّة، وميراث الإمامة والنّبوّة، وألّف به بين القلوب الآبية، وجمع عليه النفوس النّائية، واتّفقت الآراء بعد تباينها وتنافيها، وتطابقت الأهواء على اختلافها وتعاديها، واستدّت ثلمة الدّين بعد انثغارها، واطمأنّت الدّهماء بعد نفارها، حمدا يكون لنعمته كفاء، ولموهبته جزاء.
وخلافة الله وإن كانت الغاية التي لا تنزع الهمم إليها، ولا تتطلّع الأماني عليها، لاختصاص الله بها صفوته من بريّته، وخالصته من أهل بيت نبيّه وعترته، فإنّ أمير المؤمنين يتعاظم عن تهنئته بوصولها إليه، وسبوغ ملابسها عليه، إذ لا