يسوغ أن يهنّأ بإدراك ما كتب الله له أن يدركه بأقلام الأقدار على صفحات اللّيل والنّهار، والعبد يسأل الله تعالى ضارعا إليه في إنهاض أمير المؤمنين بما حمّله وكلّفه، وتوفيقه فيما كفّله واستخلفه، وأن يمكّن له في الأرض، ويعلي يده بالبسط والقبض، ويمدّه بعزّ السلطان، وعلوّ الشّان، وظهور الأولياء، وثبور الأعداء، وإعزاز الدّين، وابتزاز الملحدين، وتقوية يده في نصرة الإسلام، وسياسة الأنام، ويعرّف رعيّته من يمن دولته، وسعادة ولايته، ما يجمعهم على الطاعة والموافقة، ويعصمهم من المعصية والمفارقة، ويوفّقهم من الإخلاص في موالاته، لما يوفّر حظّهم من مرضاته، ويجعل ولايته هذه مقرونة بانفساح المدّة والأجل، وبلوغ المنى والأمل، وصالح القول والعمل، ويبلّغه في مملكته ودولته أفضل ما بلّغه خليفة من خلفائه، ووليّا من أوليائه.
ومن ذلك ما يكتب في البشارة بالفتوح:
قد جرت العادة أن السلطان إذا وجه جيشا لفتح قلعة أو قطر من الأقطار وحصل الفتح على يديه أن يكتب السلطان مبشّرا بذلك الفتح، منوّها بقدره، معظما لأمره، وما كان فيه من عزيز النّصر وقوّة الظّفر.
[فمن مكاتبة في البشارة بفتح حصن «١» المرقب، وهي:] «٢» قد أسفر عن الفتح المبين صباحه، والتّأييد وقد طار به محلّق التباشير فخفق في الخافقين جناحه، والإسلام وقد وطيء هامة الكفر بمقدمه، والدّين وقد عزّ بفتكات سيفه المنصور فأنف أن يكون الشّرك من خدمه، والأفلاك وقد علمت أنّه لهذا الفتح القريب كان اجتماع كواكبها، والأملاك وقد نزلت لتشهد