. وقال جلّ قائلا: وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ
«٢» . ولم تزل الأولياء من القدماء يحضّون على الصبر وهم لا يرجون عليه ثوابا، وينهون عن الجزع ولا يخافون عليه عقابا. ومن عرف الأيّام وتداولها، والأحوال وتحوّلها، وسّع صدره للنوائب، وصبر على تجرّع المصائب، ومن «٣» اغترّ بطول السّلامة، وطمع في الاستمرار والإقامة.
رقعة: وقد اتصل بالمملوك خبر الفجيعة بفلان، فأفيضت المدامع، وتضعضعت الأضالع، وزفرت الأنفاس، وهمدت الحواسّ، وأذاب الطرف سواده على الوجنات بدلا من الأنقاس، وخلعت القلوب سويداءها على الأجساد، عوضا عن جلابيب الحداد، وعضّت الأنامل جزعا، ومزّقت الثياب تفجّعا وتوجّعا، وكل هذا وإنّ فارق حميد التّماسك، ووافق ذميم التّهالك، غير موف بحقّ ذلك الدارج الذي بلغ المعالي وهو في مهده، وشدّ دعائم الفضل ولم يبلغ أوان رشده، وعلم سيدي أنّ غاية الجازع وإن صدعت المصيبة قلبه، وأطاشت الفجيعة لبّه، الصبر والسّلو، وأنّ نهاية القلق وإن هجمت عليه الحرقة بما لا تتوفّر عليه الأضالع، ولا تتماسك معه المدامع، القرار والهدوّ، والله تعالى لا يريه بعد هذا الرّزء رزءا بفنائه، وينقل ذلك عنه إلى حاسديه وأعدائه.
رقعة: من علم أنّ الأقضية لا تخطيء سهامها، والأقدار لا تردّ أحكامها، سلّم الأمر في السّرّاء والضّرّاء، ورضي بما مناه في البلاء والابتلاء، ولا سيّما