يديه يقدّم نجواها، ويستشهد بالخاطر الكريم قبل حضور دعواها، والمسؤول إصغاء السّمع الكريم إليه، والملاحظة فيما توجّه فيه متّكلا على الله وعليه، وإذا عاد مشمولا بعناية مولانا المعهودة، مكفولا برعايته المقصورة على نجح الآمال الممدودة، فلينعم على المملوك من المشرّفات الكريمة بما يسكّن على جور البعد خواطره الدّهشة، ويعينه على الوحشة الّتي حرّكها نحوه البعاد فهي الوحشة، والله تعالى يشكر همم مولانا غائبا وحاضرا، وشافعا لرسائل خدمه وناظرا، ويخصّ بابه العلويّ بسلام كسلام سقيط الطّل عن ورق الغصن ناضرا.
آخر من كلامه: كتب به إلى بعض رؤساء مصر.
وينهي أنه سطّرها معربة عن شوق مقيم، وعهد لا يبرح على صراطه المستقيم، وآرتياح لجنابه، أو لكتابه، ليتلو لإنصات شجوه: أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ
«١» ، متطلّعا لما يرد من أخبار مولانا السارّة البارّة، مرتقبا لأنبائه ارتقاب الزّهيرة الفاغرة إلى ضرع الغمام الدّارّة، ولو أنّ كلّ ما يتمنى المرء يدركه، وكلّ ما يقترح على الدّهر يملكه، لغني بقرب المخاطبة، عن بعد المكاتبة، واستجلى كوكب الجمال المشرق وأقصر في ليالي الانتظار عن المراقبة. وقد جهّزها على يد فلان، وحمّله من رسائل الشوق أوفى وأوفر من رسائل الصّفا، وسأل الإصغاء والملاحظة من مولى كجاره النيل معروف المنافع والوفا، ولآمال المملوك بمشرّفاته وأوامره جمال حين يريح وحين يسرح، وحين يقتصر على مقترحات الأيام حين يشرح، فينعم مولانا بمواصلتها على هذه المقدّمة، ويجعل ذلك من إدرارات صلاته المنجّمة، والله تعالى لا يعدم المملوك في حال كرمه، إما أن يفيض في القرب بحره وإما أن يبعث على البعد ديمه.