أعلى الله أمر قلمها على الأقلام، وأدام بفيض أنامله عليه بسط كلمة الإسلام، وراع بكتائب كتبه العدا إذا انتبهوا، فإذا أغفوا «سلّت عليهم سيوفها الأحلام» .
ولا زالت تلك الأقلام العالية في تلك اليد الكريمة إن لم تكن من المنشئات، فإنها من المنشآت في البحر كالأعلام، تقبيل مواظب على دعاء يطلع طلوع طرّة الصبح تحت ذلك الظلام، وولاء إذا اعتبر الخاطر مسعاه وخدمته، قالَ يا بُشْرى هذا غُلامٌ
«١» .
وينهي أنه جهّز هذه الخدمة مقصورة على وصف الأشواق الممدودة، وجوانح الشّجو المعهودة، وأنفاس التذكّر الّتي لولا شرف مذكورها لم تكن عنده من الأنفاس المعدودة، فيالها مقصورة على شوق ما فيها غير طيور الجوانح خفّاقة الجناح، سبّاقة الارتياح، ويا لها أنفاس ذكر أغنت منادمتها عن كيس كأس واقتراح وقت راح، ويا لها ورقة فازت بمشافهة لثم اليد الشريفة فكرمت وصفا، ونأت عن فخار الروض عطفا، واستطابت بشفاه السّطور على تلك البنان رشفا (طويل) .
وسطّرتها والجسم أنحل ما يرى ... فيا ليتني أصبحت في طيّها حرفا
واصلة إلى الباب الكريم بسلام وصل عبقه قبل ما وصلت، واردة على يد فلان وقد حمل من رسائل الصّفاء والودّ مثل ما حملت، وحصلت على القرب، ويا أسفى على ما حصل وحصلت. والمملوك يسأل الإصغاء إليها وإليه بفضل النظر والسّمع، والإنعام على المحبّ المفارق بمشرّفات تجلو عليه أيام جمع، وتعينه على أوقات وحشة إذا وصفها المشتاقون وأقلامهم ولّوا وأعينهم تفيض من الدّمع، لا برح ذكر مولانا عليّا، وبرّه بملء الآمال مليّا، ووصفه بالتّقى وسحاب الجود على الحالين وليّا (سريع) .