للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالموافقة، ويرتضي بالعشرة والمرافقة، حتّى أفضى في الانتقاد إلى مولانا فوجد المراد على اشتراط، وألفى المقصود على اشتطاط، فدعاه ذلك إلى التهجّم بعد الإحجام، وحمله على التجاسر والإقدام، والتوسّل إلى مولانا بما يتوسّل به الأحرار، إلى الأخيار، وأمّه بصادق الرغبة وصميم المحبة والانبساط، في خطبة كريمته فلانة، على أن يعاشرها بغاية الأنس، ويصحبها صحبة الجسد للنّفس، ويعرف لها من قدر أبوّتها وأمومتها ما تستحقّ برياستها، وقد أصدر هذه الرقعة نائبة عنه في ذلك، فإن رأى مولانا أن يتحفه بالقبول، ويجعله أهلا لإجابة السّول، فله الفضل في ذلك، إن شاء الله تعالى.

ومن النادر الغريب ما ذكره الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي في «حسن التوسّل» في الكتابة إلى شخص في تزويج أمه، وهو:

هذه المكاتبة إلى فلان- جعله الله ممن يؤثر دينه على الهوى، وينوي بأفعاله الوقوف مع أحكام الله تعالى فإنما لكلّ امريء ما نوى، ويعلم أنّ الخير والخيرة فيما يسّره الله من سنّة نبيه صلّى الله عليه وسلّم، وأنّ الشّرّ والمكروه فيما طوى، نعرّض له بأمر لا حرج عليه في الإجابة إليه، ولا خلل يلحقه به في المروءة وهل أخلّ بالمروءة من فعل ما حضّ الشرع المطهّر عليه؟ وأظهر الناس مروءة من أبلغ النفس في مصالح حرمه عذرها، ووفّى من حقوق أخصّهنّ ببرّه كلّ ما علم أنّ فيه برّها، وإذا كانت المرأة عورة، فإنّ كمال صونها فيما جعل الله فيه سترها، وصلاح حالها فيما أصلح الله به في الحياة أمرها، وإذا كانت النساء شقائق الرجال في باطن أمر البشريّة وظاهره، وكان الأولى تعجيل أسباب العصمة فلا فرق بين أوّل [وقت] «١» الاحتياج [إلى ذلك] «٢» وآخره، وما جدع الحلال أنف الغيرة إلّا ليزول شمم الحميّة، وتنزل على حكم الله فيما شرع لعباده النّفوس الأبيّة، ويعلم أنّ الفضل في الانقياد لأمر الله لا في اتّباع الهوى بعضل الوليّة، وإذا كان برّ الوالدة أتمّ، وحقّها أعمّ، والنظر في صلاح حالها أهمّ،

<<  <  ج: ص:  >  >>