تعيّنت الإجابة إلى ما يصلح به حالها، ويسكن إليه بالها، ويتوفّر به مالها، ويعمر به فناؤها، ويحصل به عن تقلّد المنن استغناؤها، وتحمل به كلفة خدمها عنها، وتدفع به ضرورات لا بدّ لذوات الحجاب والحجال منها، ويصفو به ستر الإحصان والحصانة عليها، ويظهر به سرّ ما أوجبه الله لها من تتبّع مواقع الإحسان إليها.
وقد تقدّم من سادات السّلف من تولّى ذلك لوالدته بنفسه، واعتدّه من أسباب برّ يومه الذي قابل به ما أسلفته إليه في أمسه، علما منهم أنّ استكمال البرّ مما يعلي قدر المرء ويغلي، وقد أجاب زيد «١» بن زيد العابدين هشاما لمّا سأله: لم زوّجت أمّك بعد أبيك؟ فقال: لتبشّر بآخر مثلي، لا سيّما والراغب [إلى المولى]«٢» في ذلك ممن يرغب في قربه، ويغبط على ما لديه من نعم ربّه، ويعظّم لاجتماع دنياه ودينه، ويكرم ليمن نقيبته وجود يمينه، ويعلم أنّ العقيلة تحلّ منه في أمنع حرم، وتستظلّ من ذراه بأضفى ستور الكرم، مع ارتفاع حسبه، واشتهار نسبه، وعلوّ قدره في منصبه وحاله وسببه، وأنه ممن يحسن أن يحلّ من المولى محلّ والده، وأن يتجمّل من ذرّيته بمن يكون في الملمّات بنانا ليده وعضدا لساعده، فإنّ المرء كثير بأخيه، وإذا أطلق عليه بحكم المجاز لفظ العمومة، فإن عمّ الرجل صنو أبيه، وأنا أتوقّع من المولى الجواب بما يجمع شمل التّقى، ويعلم به أنه تخيّر من البرّ أفضل ما ينتقى، ويتحقّق بفعله