الذي أتوه به وقال له: أتعقل؟ قال: إنّي لعاقل. فقال: انظر إلى السماء ونجومها، فنظر، ثم قال: انظر إلى نيران العرب، فنظر، فقال له: ما أكثر؟
نجوم السماء أو نيران العرب؟ فقال: إنّ كلّا منها لكثير، قال: إنك إذا لعاقل، ثم دفع إليه حنظلة وصرّة فيها رمل وصرّة فيها شوك، وقال: اذهب إلى قومي فادفع إليهم هذه الحنظلة وهاتين الصّرّتين، وقل لهم يعروا ناقتي الحمراء، ويرحلوا جملي الأورق، وسلوا أخي الأعور يخبركم الخبر. فقال الحاضرون:
ليس في هذا ما ينكر، اذهب في حاجته، فذهب إلى بني العنبر ودفع إليهم ذلك وقصّ عليهم القصّة ورجع، فبعث القوم إلى أخيه الأعور فحضر، فأخبروه الخبر. فقال: إنه يقول: أتاكم بنو حنظلة في عدّ الشّوك والرّمل، وإنّ نيران العرب تعادّ نجوم السماء، ويأمركم أن ترحلوا عن الدّهناء وانزلوا مكان كذا، ففعلوا ورحلوا لوقتهم فصبّحهم بنو حنظلة فلم يدركوا منهم أحدا.
وفي معنى ذلك ما حكاه المقرّ الشّهابيّ «١» بن فضل الله في كتابه «التعريف» ، فى الكلام على المكاتبة إلى الأذفونش «٢» ملك الفرنج بطليطلة من بلاد الأندلس، كان خبيث النية، سيّيء المقاصد لأهل الإسلام، وأنه «٣» أرسل مرّة إلى الملك الناصر محمد «٤» بن قلاوون، صاحب الديار المصرية