بالحجاز) «١» وكانت الحرب فيه بين الأحوص بن جعفر بن كلاب، وبني دارم، وبني ماويّة، وبني معبد بن زرارة، وبني تميم؛ وانهزمت فيه بنو تميم ومن معهم، وأسر معبد بن زرارة؛ وقصد أخوه لقيط بن زرارة أن يستفكّه فلم يقدر، وعذّبوا معبدا حتّى مات. ويوم شعب جبلة، وشعب جبلة هضبة حمراء بين الشّريف والشّرف «٢» . وكان من شأنه أنه لما انقضت وقعة رحرحان المتقدّمة، ومضى لها سنة، وذاك في العام «٣» الذي ولد فيه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، استنجد لقيط بن زرارة التميمي بني ذبيان لثأر أخيه فأنجدته، وتجمعت بنو تميم غير بني سعد، وخرجت معه بنو أسد، وسار بهم لقيط إلى بني عامر وبني عبس في طلب ثأر أخيه معبد، فأدخلت بنو عامر وبنو عبس أموالهم في شعب جبلة، فحضرهم لقيط فخرجوا عليه من الشّعب وكسروا جمائع لقيط وقتلوا لقيطا، وأسروا أخاه حاجب بن زرارة، وانتصرت بنو عامر وبنو عبس نصرا عظيما؛ وقتل أيضا من بني ذبيان وبني تميم ومن بني أسد جماعة مستكثرة؛ وكان هذا اليوم من أعظم أيامهم. ويوم ذي قار، وهو أقرب الوقائع المشهورة في الجاهلية عهدا، وكان في سنة أربعين من مولد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم؛ وقيل عام بدر.
وكان من حديثه أن كسرى أبرويز غضب على النعمان بن المنذر ملك الحيرة، فحبسه فهلك في الحبس؛ وكان النّعمان قد أودع حلقته (وهي السّلاح والدّروع) عند هانيء بن مسعود البكري «٤» ، فأرسل أبرويز يطلبها من هانيء، فقال هذه أمانة، والحرّ لا يسلم أمانته؛ وكان أبرويز لما أمسك النعمان جعل مكانه في ملك الحيرة إياس بن قبيصة الطائيّ، فاستشار أبرويز إياسا، فقال إياس: المصلحة التغافل عن هانيء بن مسعود حتّى يطمئنّ ونتبعه