فندركه- فقال أبرويز: إنه من أخوالك لا تألوه نصحا- فقال إياس: رأي الملك أفضل؛ فبعث أبرويز الهزبران «١» في ألفين من الأعاجم، وبعث ألفا من بهراء، فلما بلغ بكر بن وائل خبرهم أتوا مكانا من بطن ذي قار، فنزلوه ووصلت إليهم الأعاجم، واقتتلوا ساعة فانهزمت الأعاجم هزيمة قبيحة؛ فيروى أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، خبر بذلك أصحابه، فقال «اليوم أوّل يوم انتصف فيه العرب من العجم وبي نصروا» .
ولأبي عبيدة مصنّف مفرد في أيام العرب «٢» ، وقد أورد منها ابن عبد ربه في كتاب «العقد» جملة مستكثرة، وفي آخر كتاب الأمثال للميداني نبذة محرّرة من ذلك، وليس بنا حاجة إلى استيعابها هنا.
وأما الحروب الواقعة في صدر الإسلام، فمنها وقعة الجمل، وكانت بين عليّ كرم الله وجهه، ومعه أهل الكوفة، وبين عائشة أمّ المؤمنين رضي الله عنها، وكانت راكبة يومئذ على جمل اسمه عسكر وبه عرفت الوقعة، وقتل بين الفريقين خلق كثير، وكانت النّصرة فيه لعليّ ومن معه.
ومنها وقعة صفّين، وكانت بين عليّ كرم الله وجهه ومعه أهل العراق، وبين معاوية بن أبي سفيان، ومعه أهل الشام، وكان ابتداؤها في سنة ست وثلاثين، وكان مدّة مقامهم بصفّين مائة وعشرة أيام أوقعوا فيها وقعات كثيرة؛ قيل تسعين وقعة؛ وكانت عدّة القتلى بينهم فيما يقال من أهل الشام خمسة وأربعين ألفا، ومن أهل العراق ستة وعشرين ألفا، منهم ستة وعشرون من أهل بدر؛ وكان عمّار بن ياسر مع عليّ رضي الله عنه، وقاتل حتّى قتل، وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، قال:«يقتل عمّارا الفئة الباغية» ومضت