القويّ في ذات الله عمر الذي أصبح به ربع الإسلام عامرا، ولم يخش في الله عاذلا ولم يرج غادرا «١» ، ومنهم الأصدق حياء عثمان ملاقي البلوى صابرا، والخفر الذي لم ير للأذمّة خافرا، ومنهم أقضاهم عليّ الذي قاتل باغيا وكافرا، وبات لخوف الله ساهرا، ورضي الله عن الإمام المهديّ الذي أطلعه نورا باهرا، وبحرا للعلم زاخرا، وأتى به والضّلال يجرّ رسه سادرا، والباطل يثبت وينفي واردا وصادرا، فجدّد رسم الحقّ وكان داثرا، وقام بآرائه علما هاديا وقرما «٢» هادرا، وعن الخلفاء الراشدين المرشدين من أصبح حائدا عن الحقّ جائرا، المجاهدين خاتلا بالعهد خاترا.
أما بعد، فإنّ الله سبحانه جعل الإمامة للناس عصمة، ومنجاة من ريب الالتباس ونعمة، بها تتمهّد عمارة الأرض، ويتجدّد صلاح الكلّ والبعض، ولولاها ظهر الخلل، واختلط المرعيّ والهمل، وارتكبت المآثم، واستبيحت المحارم، واستحلّت المظالم، وانتقم من المظلوم الظالم، وفسد الائتلاف وافترق النّظام، وتساوى الحلال والحرام، فاختار لأمرهم رعاة أمرهم بالعدل فعدلوا، وبالتواصل في ذات الله والتّقاطع فقطعوا في ذات الله ووصلوا، وعدلوا بين أهليهم وأقربيهم فيما ولّوا، ونهضوا بأعباء الكفاية والحماية واستقلّوا، وألزمهم الاتّفاق والانقياد، وحظر عليهم الانشقاق والعناد، فملكوا بأزمّة العقل قياد الأمور، وأشرقت بسيرتهم المباركة أقاضي المعمور، وشاهد الناس فواضل إمامهم، وتبينوا من سيرتهم العادلة علوّ محلّهم في الخلائف ومقامهم، ولم يطرق في مدّتهم للإسلام جناب، ولا اقتحم له باب، وأنّى وسيوفهم تقطر من دماء الأعداء، وبلادهم ساكنة الدّهماء، والكفرة بالرّعب المخامر والداء العياء،