وأهل الإيمان، يجرّون ذيول العزائم، وعبدة الصّلبان، يعثرون في ذيل الهوان الدائم، إلى أن عدمت الأرض منهم بحارها الزّواخر، وأنوارها البواهر، ورأت بعدهم العيون الفواقيء والمتون الفواقر، واكفهرّ وجه اللأواء «١» ، وتفرّقت الفرق بحسب الأهواء، وسفكت الدّماء وركبت المضلّة العمياء، واحتقبت الجوائر، وأهمل الشرع والشّعائر، ثم إن الله تعالى أذن في كشف الكرب، وأطلع بالغرب نورا ملأ الدّلو إلى عقد الكرب، وهو النّور الذي أضاء للبصائر والأبصار، وطلع على الآفاق طلوع النّهار، وذخرت أيّامه السعيدة لدرك الثار، وكلفت به الخلافة وطال بها كلفه، وقام بالإمامة مثل ما قام بها الخلفاء الراشدون سلفه، وذلك هو الخليفة الإمام أمير المؤمنين الرشيد بالله ابن الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم أجمعين، وخلّد في عقبهم الإمامة إلى يوم الدّين، وهو الأسد الهصور «٢» ، ومن أبوه المأمون وجده المنصور، العريق في الخلافة، والحقيق بالإمامة والإنافة، فجمع ما افترق، ونظّم الأمور ونسّق، ومنع الحوزة أن تطرق والملّة أن تفترق أو تفرّق.
وهذه نسخة بيعة كتب بها أبو المطرّف بن عميرة الأندلسيّ «٣» بأخذ البيعة على أهل شاطبة من الأندلس لأبي جعفر المستنصر «٤» بالله العبّاسيّ، قام