فكان له دثارا، وكتب له العهد فسقى المعاهد صوب العهاد، ولهج الأنام بذكره فاطمأنّت العباد والبلاد، وعندما تمّ هذا الفصل، وتقرّر هذا الأصل، وأمست الرّعايا بما آتاهم الله من فضله فرحين، وبنعمته مستبشرين، طولب أهل البيعة بما يحملهم على الوفاء، ويمنع بيعتهم من التكدّر بعد الصّفاء، من توثيق عقدها بمؤكّد أيمانها، والإقامة على الطاعة لخليفتها وسلطانها، فبادروا إلى ذلك مسرعين، وإلى داعيه مهطعين، وبالغوا في المواثيق وأكّدوها، وشدّدوا في الأيمان وعقّدوها، وأقسموا بالله الذي لا إله إلّا هو عالم الغيب والشّهادة، عالم خائنة الأعين وما تخفي الصّدور في البدء والإعادة، على الوفاء لهما والموالاة، والنّصح والمصافاة، والموافقة والمشايعة، والطاعة والمتابعة، يوالون من والاهما، ويعادون من عاداهما، لا يقعدون عن مناصرتهما عند إلمام ملمّة، ولا يرقبون في عدوّهما إلّا ولا ذمّة، جارين في ذلك على سنن الدّوام والاستمرار، والثّبوت واللّزوم والاستقرار، على أنّ من بدّل منهم من ذلك شرطا أو عفّى له رسما، أو حاد عن طريقه أو غيّر له حكما، أو سلك في ذلك غير سبيل الأمانة، أو استحلّ الغدر وأظهر الخيانة، معلنا أو مسرّا في كلّه أو بعضه، متأوّلا أو محتالا لإبطاله أو نقضه، فقد بريء من حول الله المتين وقوّته الواقية، وركنه الشديد وذمّته الوافية، إلى حول نفسه وقوّته، وركنه وذمّته. وكلّ امرأة في عصمته الآن أو يتزوّجها مدّة حياته طالق ثلاثا بصريح لفظ لا يتوقّف على نيّة، ولا يفرق فيه بين سنّة ولا بدعة ولا رجعة فيه ولا مثنويّة، وكلّ مملوك في ملكه أو يملكه في بقيّة عمره من ذكر أو أنثى حرّ من أحرار المسلمين، وكلّ ما هو على ملكه أو يملكه في بقيّة عمره إلى آخر أيّامه من عين أو عرض صدقة للفقراء والمساكين، وعليه الحجّ إلى بيت الله الحرام ثلاثين حجّة بثلاثين عمرة راجلا حافيا حاسرا، لا يقبل الله منه غير الوفاء بها باطنا ولا ظاهرا، وإهداء مائة بدنة «١» في كل حجّة