فلان فلان العباسيّ الطائع لله «مثلا» أمير المؤمنين، لا زال شرفه باذخا، وعرنينه الشريف شامخا، وعهد ولايته لعهد كلّ ولاية ناسخا، فساموه بيعتها فلبّى، وشاموا برقه لولايتها فأجاب وما تأبّى، علما منه بأنها تعينّت عليه، وانحصرت فيه فلم تجد أعلى منه فتعدل إليه، إذ هو ابن بجدتها «١» ، وفارس نجدتها، ومزيل غمّتها، وكاشف كربتها، ومجلي غياهبها، ومحمد عواقبها، وموضّح مذاهبها، وحاكمها المكين، بل رشيدها الأمين، فنهض المقام «٢» الشريف السلطانيّ الملكيّ الفلانيّ المشار إليه، قرن الله مقاصده الشريفة بالنّجاح، وأعماله الصالحة بالفلاح، وبدر إلى بيعته فبايع، وأتمّ به من حضر من أهل الحلّ والعقد فتابع، وقابل عقدها بالقبول فمضى، ولزم حكمها وانقضى، واتّصل ذلك بسائر الرعيّة فانقادوا، وعلموا صوابه فمشوا على سننه وما حادوا، وشاع خبر ذلك في الأمصار وطارت به مخلّقات البشائر إلى سائر الأقطار، فتعرّفوا منه اليمن فسارعوا إلى امتثاله، وتحقّقوا صحّته وثباته بعد اضطرابه واعتلاله، واستعاذوا من نقص يصيبه بعد تمامه لهذا الخليفة وكماله، فعندها أبانت الخلافة العبّاسية عن طيب عنصرها، وجميل وفائها وكريم مظهرها، وجادت بجزيل الامتنان، وتلا لسان كرمها الوفيّ على وليّها الصادق: هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ
«٣» فجدّد له بالسّلطنة الشريفة عهدا، وطوّق جيده بتفويضها إليه عقدا، وجعله وصيّه في الدّين، ووليّه في أمر المسلمين، وقلّده أمر الممالك الإسلامية وألقى إليه مقاليدها، وملّكه أزمّتها وحقّق له مواعيدها، وعقد له لواءها ونشر عليه أعلامها، وصرّفه فيها على الإطلاق وفوّض إليه أحكامها، وألبسه الخلعة السّوداء فكانت لسؤدده شعارا، وأسبغ عليه رداءها