وأصحاب الرّواتب، ومن له في مال الله رزق مقسوم، وحقّ مجهول أو معلوم، واستمرار كلّ أمر على ما هو عليه، حتّى يستخير الله ويتبيّن له ما بين يديه، فما زاد تأهيله، زاد تفضيله، وإلّا فأمير المؤمنين لا يريد سوى وجه الله، ولا يحابي أحدا في دين، ولا يحامي [عن] أحد في حقّ، فإن المحاماة في الحقّ مداجاة على المسلمين، وكلّ ما هو مستمرّ إلى الآن، مستقرّ على حكم الله مما فهّمه الله له وفهّمه سليمان، لا يغير أمير المؤمنين في ذلك ولا في بعضه، معتبر مستمرّ بما شكر الله على نعمه وهكذا يجازى من شكر، ولا يكدّر على أحد موردا نزّه الله به نعمه الصافية عن الكدر، ولا يتأوّل في ذلك متأوّل ولا من فجر النعمة أو كفر، ولا يتعلّل متعلّل فإنّ أمير المؤمنين يعوذ بالله ويعيذ أيّامه من الغير، وأمر أمير المؤمنين- أعلى الله أمره- أن يعلن الخطباء بذكره وذكر سلطان زمانه على المنابر في الآفاق، وأن تضرب باسمهما النّقود المتعامل بها على الإطلاق، ويبتهج بالدعاء لهما عطف الليل والنهار، ويصرّح منه بما يشرق به وجه الدّرهم والدّينار، وتباهي به المنابر ودور الضرب، هاتيك ترفع اسمهما على أسرّة مهودها، وهذه على أسارير نقودها، وهذه تقام بسببها الصّلاة، وتلك تدام بها الصّلات، وكلاهما تستمال به القلوب، ولا يلام على ما تعيه الآذان وتوعيه الجيوب، وما منهما إلّا من تحدّق بجواره الأحداق، وتميل إليه الأعناق، وتبلغ به المقاصد، ويقوى بهما المعاضد، وكلاهما أمره مطاع، من غير نزاع، وإذا لمعت أزمّة الخطب طار للذّهب شعاع، ولولاهما ما اجتمع جمع ولا انضمّ، ولا عرف الأنام بمن تأتمّ، فالخطب والذهب معناهما واحد، وبهما يذكر الله قيماء «١» المساجد، ولولا الأعمال، ما بذلت الأموال، ولولا الأموال، ما ولّيت الأعمال، ولأجل ما بينهما من هذه النّسبة، قيل إنّ الملك له السّكّة والخطبة، وقد أسمع أمير المؤمنين في هذا الجمع المشهود ما يتناقله كلّ خطيب، ويتداوله