للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومهادا، وخلق الجبال الراسية أوتادا، ورتّب أوضاعها أجناسا متفاضلة، وأنواعا متباينة متقابلة، فحيوانا ونباتا وجمادا، وأقام «١» فيها على حكمة الإبداع دلائل باهرة الشّعاع وأشهادا، وجعل الليل والنهار خلفة «٢» والشمس والقمر حسبانا، وقدّر السياسة سياجا لعالم الإنسان يضمّ منه ما انتشر «٣» ، ويطوي من تعدّيه ما نشر، ويحمله «٤» على الآداب الّتي ترشده إذا ضلّ وتقيمه إذا عثر، وتجبره على أن يلتزم السّنن ويتّبع الأثر، لطفا منه شمل البشر وحنانا.

ولما عمر الأرض بهذا الجنس الذي فضّله وشرّفه، ووهب له العقل الذي تفكّر «٥» به في حكمته حتّى عرفه، وبما يجب لربوبيّته الواجبة وصفه، جعلهم درجات بعضها فوق بعض فقرا وغنى وطاعة وعصيانا، واختار منهم سفرة الوحي وحملة الآيات، وأرسل فيهم الرّسل بالمعجزات «٦» ، وعرّفهم بما كلّفهم من الأعمال المفترضات: لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى

«٧» . يوم اعتبار «٨» الأعمال واعتبار الحسنات، ونصب العدل والمجازاة في يوم العرض عليه قسطاسا وميزانا.

نحمده وله الحمد في الأولى والآخرة، ونثني على مواهبه الجمّة وآلائه الوافرة، ونمدّ يد الضّراعة، في موقف الرّجاء والطّماعة «٩» ، إلى المزيد من مننه

<<  <  ج: ص:  >  >>