الهامية الهامرة، ونسأله دوام ألطافه الخافية وعصمه «١» الظاهرة، واتّصال نعمه الّتي لا نزال «٢» نتعرّفها مثنى ووحدانا، ونشهد أنّه الله الذي لا إله إلّا هو وحده لا شريك له. [شهادة نجدها في المعاد عدّة واقية، ووسيلة للأعمال الصالحة إليه راقية، وذخيرة صالحة باقية، ونورا يسعى بين أيدينا ويكون على الرضا والقبول فينا عنوانا]«٣» . ونشهد أنّ سيدنا ومولانا محمدا النبيّ العربيّ القرشيّ الهاشميّ عبده ورسوله الذي اصطفاه واختاره، ورفع بين النبيين والمرسلين مقداره، وطهّر قلبه وقدّس أسراره، وبلّغه من رضاه اختياره، وأعطاه لواء الشفاعة يقفو آدم ومن بعده من الأنبياء الكرام آثاره، وجعله أقرب الرّسل مكانة وأرفعهم مكانا. رسول الرحمة، ونور الظّلمة، وإمام الرسل الأئمّة، الذي جمع له بين مزيّة السّبق ومزية التّتمّة، وجعل طاعته من العذاب المقيم أمانا، صاحب الشّفاعة الّتي تؤمّل، والوسيلة الّتي إلى الله بها يتوسّل، والدرجة الّتي لم يؤتها الملك المقرّب ولا النبيّ المرسل، والرتبة الّتي لم يعطها الله سواه إنسانا. انتخبه من أشرف العرب أمّا وأبا، وأزكى البريّة طينة وأرفعها نسبا، وابتعثه إلى كافّة الخلق عجما وعربا، وملأ بنور دعوته البسيطة جنوبا وشمالا ومشرقا ومغربا، وأنزل عليه كتابه الذي آمنت به الجنّ لمّا سمعته، وقالوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً «٤»
، تماما على الذي أحسن وتفصيلا لكلّ شيء وتبيانا، فصدع صلّى الله عليه وسلّم بأمر من اختار ذاته الطاهرة واصطفاها، وأدّى أمانة الله ووفّاها، ورأى الخلائق على شفى المتالف فتلافاها، وتتبّع أدواء الضّلال فشفاها، ومحا معالم الجهل وعفّاها، وشاد للخلق «٥» في الحقّ بنيانا، مؤيّدا بالمعجزات الّتي حجحها تقبل وتسلّم،