بأمر عظيم، فحاكمني إلى بعض كهّان اليمن، فخرجا في جماعة من قومهما إلى كاهن من كهّان اليمن ومعهما هند ونسوة أخر، فلما شارفوا بلاد الكاهن، قالت هند لأبيها: إنكم تأتون بشرا يصيب ويخطىء ولا آمنه أن يسمني ميسما يكون عليّ سبّة- فقال أبوها سأختبره لك فصفّر لفرسه حتّى أدلى، فأدخل في إحليله حبة حنطة وشدّ عليها بسير، فلما دخلوا على الكاهن، قال له عتبة:
إنا قد جئناك في أمر وقد خبأت لك خبأ أختبرك به فانظر ما هو فقال ثمرة في كمرة- فقال أريد أبين من هذا- فقال حبة برّ، في إحليل مهر- فقال له انظر في أمر هؤلاء النّسوة، فجعل يدنو من إحداهنّ فيضرب بيده على كتفها ويقول انهضي حتى دنا من هند فقال لها: انهضي غير رسحاء «١» ولا زانية ولتلدنّ ملكا اسمه معاوية؛ فنهض إليها الفاكه فأخذ بيدها، فجذبت يدها من يده.
وقالت إليك عنّي! فو الله لأحرص على أن يكون من غيرك، فتزوّجها أبو سفيان ابن حرب فولدت له معاوية، فكان من أمره ما كان إلى أن انتهت به الحال إلى الخلافة. وقد أخبر جماعة من الكهنة بمبعث النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قرب ظهوره منهم سطيح «٢» الكاهن وغيره.
ولما بعث النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، حرست السماء ومنعت الشياطين من استراق السمع كما أخبر تعالى بقوله: وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً
«٣» .
ومنها الزّجر والطّيرة: وهما في معنى واحد؛ وأصله أنهم كانوا إذا أرادوا فعل أمر أو تركه زجروا الطير حتّى يطير؛ فإن طار يمينا كان له حكم، وإن طار