شمالا كان له حكم، وإن طار أماما كان له حكم، وإن طار من فوق رأسه كان له حكم، ومن ثمّ سميت الطّيرة أخذا من اسم الطير، وأكثر ما عوّلوا عليه من ذلك الغراب، ثم تعدّوه إلى غير الطير من الحيوان، ثم جاوزا ذلك إلى ما يحدث في الجمادات من كسر أو صدع أو نحو ذلك؛ وربما انتهى بعض الزجر إلى حدّ الكهانة.
وممّا يحكى من زجر الطير أن رجلا من لهب: وهم بطن من العرب يعرفون بالعيافة، خرج في حاجة له، ومعه سقاء من لبن فسار صدر يومه فعطش فأناخ ليشرب فإذا غراب فنعب فأثار راحلته، ثم سار حتّى كان وقت الظهيرة أناخ ليشرب، فنعب الغراب وتمرّغ في التراب، فضرب الرجل السّقاء بسيفه فإذا فيه ثعبان عظيم فقتله. ثم سار فإذا غراب واقع على سدرة فصاح به فوقع على سلمة، فصاح به فوقع على صخرة فانتهى إليها، فأثار من تحتها كنزا، فلما رجع إلى أبيه قال له ما صنعت؟ قال سرت صدر يومي فأنخت لأشرب فنعب الغراب- فقال: أثر راحلتك وإلا فلست بابني- قال فعلت- قال ثم ماذا؟ قال سرت حتّى وقت الظهيرة فأنخت لأشرب فنعب الغراب، وتمرّغ في التراب- فقال اضرب السّقاء وإلا فلست بابني. قال فعلت، فوقع على صخرة قال أثر ما تحتها وإلا فلست بابني، قال فعلت، فوجدت كنزا.
وقد وردت السّنّة بإبطال حكم الزجر والطّيرة بقوله صلّى الله عليه وآله وسلّم «أقرّوا الطّير في وكناتها» وقوله صلّى الله عليه وآله وسلّم «ولا عدوى ولا طيرة» واستحسن صلّى الله عليه وآله وسلّم، الفأل فقال «ويعجبني الفأل وهي الكلمة الطّيّبة أسمعها» . وقد فرق العلماء بين الفأل والطيرة، بأن الطيرة تقصد والفأل يأتي من غير قصد.
ومنها الميسر: وهو ضرب من القمار كانوا يقتسمون به لحم الجزر التي يذبحونها بحسب قداح يضربونها، لكل قدح منها نصيب معلوم، وهي أحد عشر قدحا: سبعة منها لها حظ إن فازت وعليها غرم إن خابت بقدر مالها من الحظ عند الفوز، وأربعة منها تثقّل بها القداح لا حظّ لها إن فازت، ولا غرم