للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حوائط الأفهام، ولا يدرك إلّا بوسائط إلهام. وقد اصطفى الله الأمير من تلك الأسرة، ورقّاه شرف تلك المنابر وملك تلك الأسرّة، وأنار بمقامه نجوم السعادة المستسرّة، واستخدم العالم لأغراضه، وسدّد كلّ سهم في رميه إلى أغراضه، وأقرض الله قرضا حسنا فهو واثق بحسن عواقب إقراضه، وافترض طاعته في خلقه فالسعيد من تلقّى طاعة أمير المؤمنين بافتراضه، وأمضى أوامره على الأيّام فما يقابلها صرف من صروفها باعتراضه، وأدار الحقّ معه حيث دار، وكشف له ما استجنّ تحت أستار الأقدار، ووقف الخيرة والنّصرة على آرائه وراياته فهو المستشار والمستخار، وألهمه أن يحفظ للأمة غدها كما حفظ لها يومها، وأن يجري لها موارد توفيق الارتياد ولا يطيل حومها، وأن يجعل المؤمن على ثلج من الصّدور، وفلج من الظّهور، ويودع عندها برد اليقين بالإشارة إلى مستودع النّور، ويجعلها على شريعة من الأمر فتتّبعها، ويحلّها بمنزلة الخصب فترتبعها، ويعلم نديّ خيره ليكون غايتها ومفزعها، ويعرّفها من تنتظره فتتّخذه مآلها ومرجعها، ويقتدي في ذلك بسيد المرسلين في يوم الغدير ويشير إلى من يقوم به المشير مقام البشير.

ولمّا كنت حافظ عهد أمير المؤمنين والسيّد الذي لا بدّ أن يتوّج به السّرير، والنّجم الذي لا بدّ أن نستطيل إلى أنواره ونستطير، والذّخيرة الّتي ادّخرها الله لنيل كل خطر ودفع كلّ خطير، والسّحاب الذي فيه الثّجّ المطير، والنّجم المنير، والرّجم المبير، وقد تجلّت لك أوجه الكرامات وتبدّت، وتبّرجت لك مخطوبات المقامات وتصدّت، وطلبتك كفؤا لنيل عقيلتها وسكنى معقلها فما تعدّت، وأدّت إليك لطائف فهمك من أسرار الحقائق ما أدّت، وعرفت من سيماك هدي النبوّة، واجتمع لك مزيّة الشرفين من الطّرفين الأبوّة والبنوّة، وأخذت كتاب الحكمة ومصون العصمة بقوّة، وأجرت القلوب الّتي بعوارض الشّكّ ممنوّة، وآثرت العقائد الّتي بنواقض العقد مملوّة، وغدت وجوه الأنام بأيّامك مجلوّة، وتوافقت الألسن على مدحك ولا مثل ما مدحت من الآيات المتلوّة، وكنت بحيث تذهب بالأهوال المسلوّة، وتقبل بالآمال المرجوّة، ولو أنّ ركبا

<<  <  ج: ص:  >  >>