للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضلّ لهداه نورك في الليل البهيم، ولو أنّ ذكرك شذّ لتبدّى في الآيات والذّكر الحكيم، ولو أنّك طلعت على الأولين لما تساءلوا ولا اختلفوا في النّبإ العظيم، ولو أنّ قديما علا فوق كلّ حديث لقام لك الحديث مقام القديم، ولو أنّ جميع الأنام في صعيد واحد لصعدت دونهم المقام الكريم، ولو أنّ يدك البيضاء تجسّمت للناظرين لأعدت آية موسى الكليم، ولو أنّ هدايتك الغرّاء تنسّمت للذاكرين لأحييت بها العظام وهي رميم، ولو أنّ علومك انتشرت بين العلماء لتلوا: وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ

«١» ولو أنّ ليلة ولادتك رصدتها البصائر، رأت كيف يفرق فيها كلّ أمر حكيم، والصّفات إذا احتفل أربابها وقفت لك عبيدا، والأيام إذا كانت ظروفا لفضائلك كان كلّ يوم منها للعبيد عيدا، والأنساب إذا عددتها كان الجدّ سعيدا، فلتفخر قبل السير بأن أمليت عليها السّور، وأبشر بأن المنتظر من فضل الله لك فوق ما تعجّله النظر، واشمخ بأنّ سادة القبائل مضر وأنك بعد أمير المؤمنين سيّد مضر، وابذخ بأنك عوض من كلّ من غاب وما عنك عوض في كل من حضر، وابجح بأنك قد أهّلت لأمر أبى الله له إلّا أولي العزم والخطر، واشكر الله على نعمة خلقك لها بقدر، ومزيّة لا يوفّي حقّها من أضمر فأغرق أو نطق فشكر، وقل الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدانَا اللَّهُ

«٢» ، وقل «٣» رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ*

«٤» .

فإليك هذا الأمر يصير، وأنت له والله لك نعم المولى ونعم النّصير، وتأهّب له في درجته الّتي لا ينالها باع قصير، ولا يمتطيها إلّا من اختاره الله على علم من أهل الثقلين ولو أنّ بعضهم لبعض ظهير، ولا ترى لها أهلا إلّا من أراه الله من

<<  <  ج: ص:  >  >>