آياته أنه هو السّميع البصير، وفاوض أمير المؤمنين في مشكلات الأمر ولا ينبّئك مثل خبير، واقتد منه بمن هو [في] أهل دهره وصيّ الوصيّ ونظير النّذير، واهتد بنوره الذي هو بالنّور البائن دون الخلق بشير، وسر إذا استعملك الله فيهم بما رأيت أمير المؤمنين به فيهم يسير، وادع الله بأن ييسّر على يدك مناجحهم إنّ ذلك على الله يسير، واعرف ما آثرك الله به من أنه لم يجعل ليدك كفؤا إلّا ذا الفقار ولا لقدمك كفؤا إلّا المنبر والسرير، وتحدّث بنعمة الله وإجرائها فأمير المؤمنين اليوم عليك أمير وأنت غدا على المؤمنين أمير: هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ
«١» .
وأما العدل وإفاضته، والجور وإغاضته، والصّعب ورياضته، والجدب وترويضه، والخطب وتفويضه، والجهاد ورفع علمه، والذبّ عن دين الله وحفظ حرمه، والأمر بالمعروف ونشر ردائه، والنهي عن المنكر وطيّ اعتدائه، وإقامة الحدّ بالصّفح والحدّ، والمساواة في الحقّ بين المولى والعبد، وبثّ دعوة الله في كل غور من البلاد ونجد، وأمر عباد الله إن عباد الله في زمنك الرغد، فذلك عهد الأئمة الراشدين، وهو إليك من أمير المؤمنين، عهد مؤكّد العقد، وهو سنّة فضل الخلفاء الّتي لا تجد لها تحويلا، ومعنى العهد الذي أمر الله بالوفاء به فقال: إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا
«٢» .
وهل يوصى البحر بتلاطم أمواجه وتدافع أفواجه وبتزاخر عجاجه؟ وهل يحضّ البدر المنير على أن ينير سراجه، ويطلع ليتّضح للسالك منهاجه أو ينبّه على هدايته إذا تهادته أبراجه؟ وعليك من سرائر أنوار الله ما يغنيك أن توصى، ولديك من ظواهر لطائف الله ما تميّز به عن الخلق إذ أضحيت به مخصوصا، ومن شواهد اختيار الله ما تظاهرت عليك آياته نصوصا، فبسلام الله يحيّيك المؤمنون، وبالاعتلاق بعصمة ولائك في يوم الفزع الأكبر يأمنون، والله منجز