الحمد لله معزّ دينه بخلفائه الراشدين، ومرتّب حقّه بأوليائه الهادين، الذي اختار دين الإسلام لصفوته من بريّته، وخصّ به من استخلصه من أهل طاعته، وجعله حبله المتين، ودينه الذي أظهره على كلّ دين، وسبيله الأفسح، وطريقه الأوضح، وابتعث به نبيّه محمدا صلّى الله عليه فصدع بأمره، وأعلن بذكره، والناس في فترة الضّلالة، وغمرة الجهالة، فلما أنجز في نصرة حقّه، وتأييده لسعداء خلقه [قبضه]«١» إليه محمود الأثر، طيّب الخبر [وقام]«٢» بخلافته، من انتخبه من طهره عترته، وأودعهم حكمته، وكفّلهم شريعته، فاقتفوا سبيله، واتبعوا دليله، كلّما قبض منهم سلفا إلى مقرّ مجده، اصطفى خلفا للإمامة من بعده.
يحمده أمير المؤمنين أن أفضى إليه بتراث الإمامة والرّسالة، وهدى به كما هدى بجدّه من الزّيغ والضّلالة، واختصّه بميراث النّبوّة والخلافة، ونصبه رحمة للكافة، وأتمّ نعمته [عليه] كما أتمّها على آبائه، وأجزل حظّه من حسن بلائه، وأعانه على ما استرعاه، ووفّقه فيما ولّاه، وأنهضه بإعزاز الملّة، وإكرام الأمّة، وإماتة البدع، وإبطال المذهب المخترع، وإحياء السّنن، والاستقامة على لاحب السّنن، ووهبه من بنيه وذريّته مؤازرين على ما حمّله من أعباء خلافته، ومظاهرين على ما كلّفه من إمعان النظر في بريّته.
ويسأله الصلاة على محمد خاتم أنبيائه، والخيرة من خلصائه، الذي شرّفه بختام رسله، وإقرار نيابته في أهله، صلّى الله عليه وعلى أخيه وابن عمّه وباب حكمته، عليّ بن أبي طالب وصيّه في أمّته، وعلى الأئمة الطّهرة من ذرّيّته، مناهج رحمته، وسرج هدايته، وسلّم تسليما.
وإنّ الله تعالى جعل الخلافة للكافّة عصمة، ولأهل الإيمان رحمة، تجمع كلمتهم، وتحفظ ألفتهم، وتصلح عامّتهم، وتقيم فرائضه وسننه فيهم،