للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدود الله الّتي حدّها، بفروضه الّتي وكّدها والاقتداء بسلفه الراشدين، في المكافحه عن الدّين، والمسامحة عن أوزار المسلمين، وبسط العدل على الرعيّة، والحكم بينهم بالسّويّة، وإنصاف المظلوم من الظّلوم، وكفّ يد المغتصب الغشوم، وصرف ولاة الجور عن أهل الإسلام، وتخيّر من ينظر بينهم في المظالم والأحكام، وأن لا يولّي عليهم إلّا من يثق بعدالته، ويسكن إلى دينه وأمانته، ولا يفسح لشريف في التعدّي على مشروف، ولا يقوى في التسلّط على مضعوف، وأن يحمل الناس في الحقوق على التّساوي، ويجريهم في دولته على التناصف والتّكافي، ويأمر حجّابه ونوّابه بإيصال الخاصّة والعامّة إليه، وتمكينهم من عرض حوائجهم ومظالمهم عليه ليعلموا: الولاة والعمّال، أنّ رعيته على ذكر منه وبال، فيتحاموا التثقيل عليهم والإضرار بهم. وأشهد عليه بكلّ ما شرطه وحدّده، والعمل بما يحمد إليه فيما تقلّده. على أنه غنيّ عن وصيّة وتبصير، وتنبيه وتذكير، إلّا أنّ محمدا سيد المرسلين يقول لعليّ صلّى الله عليهما «أرسل عاقلا إلّا فأوصه» «١» .

فبايعوا على بركة الله تعالى طائعين غير مكرهين، برغبة لا برهبة، وبإخلاص لا بمداهنة، بيعة رضا واختيار، وانقياد وإيثار، بصحّة من نيّاتكم، وسلامة من صدوركم، وصفاء من عقائدكم، ووفاء واستقامة فيما تضعون عليه أيمانكم، ليعرّفكم الله [من] سبوغ النّعمة، وشمول الحبرة، وحسن العاقبة، واتفاق الكلمة، ما يقرّ نواظركم، ويبرّد ضمائركم، ويذهب غلّ صدوركم ويعزّ جانبكم، ويذلّ مجانبكم، فاعلموا هذا واعملوا به إن شاء الله.

وقد يغني هذا الكتاب الذي ذكرناه مغنى العهد، فلا يحتاج إلى عهد.

وعلى ذلك كتب عن الإمام المستكفي «٢» بالله أبي الربيع سليمان بن

<<  <  ج: ص:  >  >>