الهدى فيها إلى أجمل المقاصد وأحسنها؛ ويجعلها عمدته يوم تعدم الأنصار، وتشخص الأبصار: ليجتني من ثمرها ما يقيه مصارع الخجل، ويجتلي من مطالعها ما يؤمّنه من طوارق الوجل؛ ويرد بها من رضا الله تعالى أصفى المشارب، ويجد فيها من ضوالّ المنى أنفس المواهب: فإنها أبقى الزّاد، وأدعى في كلّ أمر إلى وري الزّناد؛ وقد خصّ الله بها المؤمنين من عباده، وحضّ منها على ما هو أفضل عدّة المرء وعتاده؛ فقال تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
«١» .
وأمره أن يأتمّ بكتاب الله تعالى مستضيئا بمصباحه، مستضيما لسلطان الغيّ بالوقوف عند محظوره ومباحه؛ ويقصد الاستبصار بمواعظه وحكمه، والاستدرار لصوب التوفيق في الرّجوع إلى متقنه ومحكمه؛ ويجعله أميرا على هواه مطاعا، وسميرا لا يرى أن يكشف عنه قناعا؛ ودليلا إلى النّجاة من كلّ ما يخاف أثامه، وسبيلا إلى الفوز في اليوم الذي يسفر عن فصل الحساب لثامه؛ ويتحقّق موقع الحظّ في إدامة درسه، وصلة يومه في التأمّل بأمسه؛ فإنه يبدي طريق الرّشد لكل مبدي في العمل به معيد: وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ
«٢» .
وأمره أن يحافظ على الصّلوات قائما بشروطها وحدودها، وشائما «٣» بروق التوفيق في أداء فروضها وحقوقها؛ ومسارعا إليها في أوقاتها بنيّة عائفة مناهل الكدر والرّنق «٤» ، عارفة بما في إخلاصها من نصرة الهدى وطاعة الحقّ؛ وموفّرا عليها من ذهنه، ما الحظّ كامن في طيّه وضمنه؛ وموفّيا لها من الرّكوع والسّجود، ما الرّشاد فيه صادق الدلائل والشّهود؛ متجنّبا أن يلهيه عنها من هواجس الأفكار،