ووساوس القلب العون منها والأبكار؛ ما يقف فيه موقف المقصّر الغالط، وينزل فيه منزلة الجاحد للنّعم الغامط؛ وقد أمر الله تعالى بها وفرضها على المؤمنين وأوجبها وحثّ من إقامتها، على ما يفضي إلى صلاح المقاصد واستقامتها؛ فقال عزّ من قائل: فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً
«١» .
وأمره بالسّعي في أيام الجمع إلى المساجد الجامعة، وفي الأعياد إلى المصلّيات الضاحية؛ بعد أن يتقدّم في عمارتها، وإعداد الكسوة لها؛ بما يؤدّي إلى كمال حلاها، ويحظي من حسن الذكر بأعذب الموارد وأحلاها؛ ويوعز بالاستكثار من المكبّرين فيها والقوّام، وترتيب المصابيح العائدة على شمل جمالها بالاتّساق والانتظام: فإنها بيوت الله تعالى التي تتلى بها آياته، وتعلى فيها أعلام الشّرع وراياته. وأن يقيم الدعوة على منابرها لأمير المؤمنين، ولوليّ عهده العدّة للدّين؛ أبي القاسم عبد الله بن محمد ابن أمير المؤمنين «٢» ، أدام الله تعالى به الإمتاع، وأحسن عن ساحته الدّفاع؛ ثم لنفسه جاريا في ذلك على ما ألف من مثله، وسالكا منه أقوم مسالك الاهتداء وسبله؛ وقد بيّن الله تعالى ما في عمارتها من دلائل الإيمان، والفوز بما يعطي من سخط الله تعالى أوثق الأمان، في قوله سبحانه: إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسى أُولئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ
«٣» . وقال في الحثّ على السعي إلى الجوامع التي يذكر فيها اسمه، ويظهر عليها منار الإسلام ورسمه: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ