الله إلا وأتاهم بجنوده «١» من حيث لم يحتسبوا؛ وألّف جيوش الإسلام فأصبحت على الأعداء بيمنه يدا واحدة، وقام بأمور الأمّة فأمست عيون الرّعايا باستيقاظ سيوفه في مهاد الأمن راقدة؛ وأقام منار الشريعة المطهّرة فهي حاكمة له وعليه، نافذ أمرها على أمره فيما وضع الله مقاليده في يديه؛ ونصره الله في مواطن كثيرة، وأعانه على من أضمر له الشّقاق والصّلاة وإنّها لكبيرة «٢» ؛ وأظهره «٣» بمن بغى عليه في يومه بعد حلمه عنه في أمسه، وأيّده على الذين خانوا عهده ويَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ
«٤» ؛ وتعيّن لملك الاسلام فلم يك يصلح إلّا له، واختاره الله لذلك فبلغ به الدّين آماله؛ وضعضع بملكه عمود الشّرك وأماله، وأعاد بسلطانه على الممالك بهجتها وعلى الملك رونقه وجلاله؛ وأخدمه النّصر فما أضمر له أحد سوءا إلا وزلزل أقدامه وعجّل وباله، وردّه إليه وقد جعل من الرّعب قيوده ومن الذّعر أغلاله، وأوطأ جواده هام أعدائه وإن أنف أن تكون نعاله.
عهد إليه حينئذ مولانا الإمام الحاكم بأمر الله أمير المؤمنين في كلّ ما وراء خلافته المقدّسة، وجميع ما اقتضته أحكام إمامته التي هي على التّقوى مؤسّسة:
من إقامة شعار الملك الذي جمع الله الاسلام عليه، وظهور «٥» أبّهة السلطنة التي ألقى الله وأمير المؤمنين مقاليدها إليه؛ ومن الحكم الخاصّ والعامّ، في سائر ممالك الإسلام، وفي كل ما تقتضيه أحكام شريعة سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام؛ وفي خزائن الأموال وإنفاقها، وملك الرّقاب وإعتاقها، واعتقال الجناة وإطلاقها؛ وفي كل ما هو في يد الملّة الاسلامية التي سيرجعها الله بجهاده إليها؛ وفي