تقليد الملوك والوزراء، وتقدمة الجيوش وتأمير الأمراء؛ وفي الأمصار يقرّ بها من شاء من الجنود، ويبعث إليها ومنها ما شاء من البعوث والحشود؛ ويحكم في أمرها بما أمر «١» الله من الذّبّ عن حريمها، ويتحكّم بالعدل الذي رسم «٢» الله به لظاعنها ومقيمها؛ وفي تقديم حديثها واستحداث قديمها، وتشييد ثغورها، وإمضاء ما عرّفه الله به وجهله سواه من أمورها؛ وإقرار من شاء من حكّامها، وإمضاء ما شاء من إتقان القواعد بالعدل وإحكامها؛ وفي إقطاع خواصّها، واقتلاع ما اقتضته المصلحة من عمائرها وعمارة ما شاء من قلاعها؛ وفي إقامة الجهاد بنفسه الشريفة وكتائبه، ولقاء الأعداء كيف شاء من [تسيير] سراياه وبعث مواكبه؛ وفي مضايقة «٣» العدوّ وحصاره، ومصابرته وإنظاره «٤» ، وغزوه كيف أراه الله في أطراف بلاده وفي عقر داره؛ وفي المنّ والفداء والإرقاق، وضرب الهدن التي تسألها العدا وهي خاضعة الأعناق؛ وأخذ مجاوري العدوّ المخذول بما أراه الله من النّكاية إذا أمكن من نواصيهم، وحكم عفوه في طائعهم وبأسه في عاصيهم، وإنزال الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ
«٥» . وفي الجيوش التي ألف الأعداء فتكات ألوفها، وعرفوا أنّ أرواحهم ودائع سيوفها؛ وصبّحتهم سرايا رعبها المبثوثة إليهم، وتركهم خوفها كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ
«٦» وهم الذين ضاقت بمواكبهم إلى العدا سعة الفجاج، وقاسمت رماحهم الأعداء شرّ قسمة ففي أيديهم كعوبها وفي صدور أولئك الزّجاج «٧» ، وأذهبت عن الثّغور الإسلامية رجس الكفر وطهّرت من ذلك ما جاور العذب الفرات والملح الأجاج؛