حكمه وتحكمه في شرق الأرض «١» وغربها وما بين ذلك؛ وقد فرض طاعته على سائر الأمم، وحكم بوجوبها على الخاصّ والعامّ ومن ينقض حكم الحاكم إذا حكم؛ وهو يعلم أنّ الله تعالى قد أودع مولانا السلطان سرّا يستضاء بأنواره، ويهتدى في مصالح الملك والممالك بمناره، فجعل له أن يفعل في ذلك كلّ ما هدى الله قلبه إليه، وبعثه بالتأييد الإلهيّ عليه؛ واكتفى عن الوصايا بأنّ الله تعالى تكفّل له بالتأييد، وخصّه من كلّ خير بالمزيد؛ وجعل خلقه التقوى وكلّ خير فرع عليها، ونوّر بصيرته بالهدى فما يدلّ على حسنة من أمور الدنيا والآخرة إلّا وهو السابق إليها؛ والله تعالى يجعل أيّامه مؤرّخة بالفتوح، ويؤيّده بالملائكة والرّوح، على من يدّعي الأب والابن والرّوح؛ ويجعل أسباب النصر معقودة بسببه، والملك كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ
«٢» .
ويشهد بهذا العهد الشريف مع من شهده من الملائكة المقرّبين «٣» ، كلّ من حضر تلاوته من سائر الناس أجمعين: لتكون حجّة الله على خلقه أسبق، وعهد أمير المؤمنين بثبوته أوثق؛ وطاعة سلطان الأرض قد زادها الله على خلقه بذلك توكيدا، وشهد [الله] وملائكته على الخلق بذلك وكفى بالله شهيدا. والاعتماد على الخط الحاكميّ أعلاه حجّة به، إن شاء الله تعالى.
وعلى نحو ذلك كتب الشيخ شهاب الدين محمود الحلبيّ عهد الملك المنصور «حسام الدّين لاچين»«٤» عن الخليفة الحاكم بأمر الله بن أبي الربيع