في مصالح ملك الاسلام محكّما؛ وتقليدا مؤبّدا، وتقريرا على كرّ الجديدين مجدّدا؛ وأثبت ذلك وهو الحاكم حقيقة بما علمه من استحقاقه والحاكم بعلمه، وأشهد الله وملائكته على نفوذ حكمه بذلك: وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ
«١» .
وذلك لما صحّ عنده من نهوض ملكه بأعباء ما حمّله الله من الخلافة، وأدائه الأمانة عنه فيما كتب الله عليه من الرحمة اللّازمة والرافة؛ واستقلاله بأمور الجهاد الذي أقام الله به الدين، واختصاصه وجنوده بعموم ما أمر الله به الأمة في قوله تعالى:
«٢» . وأنّه في الجهاد سهمه المصيب وله به أجر الرامي المسدّد، وسيفه الذي جرّده على أعداء الدين وله من فتكاته حظّ المرهف المجرّد؛ وظلّ الله في الأرض الذي مدّه بيمن يمينه، وآية نصره الذي اختاره الله لمصالح دنياه وصلاح دينه؛ الناهض بفرض الجهاد وهو في مستقرّ خلافته وادع، والراكض عنه بخيله وخياله إلى العدوّ الذي ليس لفتكات سيوفه رادع «٣» ؛ والمؤدّي عنه فرض النّفير في سبيل الله كلّما تعيّن، والمنتقم له من أهل الشّقاق الذين يجادلون في الحقّ بعد ما تبيّن، والقائم بأمر الفتوح التي تردّ بيع الكفر مساجد يذكر فيها اسم الله واسمه، ويرفع على منابرها شعاره الشريف ورسمه؛ وتمثّل له بإقامة دعوته صورة الفتح كأنه ينظر إليها؛ والناظر عنه في عموم مصالح الإسلام وخصوصها تعظيما لقدره، وترفيها لسرّه؛ وتفخيما لشرفه، وتكريما لجلالة بيته النبويّ وسلفه؛ وقياما له بما عهد إليه، ووفاء من أمور الدّين والدنيا بما وضع مقاليده في يديه.
وليدلّ على عظم سيرته بكرم سيره، وينبّه على كمال سعادته إذ قد كفي به في أمور خلق الله تعالى والسعيد من كفي بغيره، لم يجعل أمير المؤمنين على يده يدا في ذلك، ولا فسّح لأحد غيره في أقطار الأرض أن يدعى بملك ولا مالك، بل بسط