شأنه واعتلاء قدره؛ وجعل عدوّه وإن أعرض عن طلبه بجيوش الرّعب محصورا، وكفاه بنصره على الأعداء التوغّل في سفك الدّماء فلم يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً «١»
؛ ونقل إليه الملك بسيفه والدّماء مصونة، وحكّمه فيما كان بيد غيره من الأرض والبلاد آمنة والفتن مأمونة؛ فكان أمر من ذهب سحابة صيف، أو جلسة ضيف «٢» ؛ لم تحلّ له روعة في القلوب، ولم يذعرها- وقد ألبسه الله ما نزع عن سواه- سالب ولا مسلوب، إجراء لهذه الأمة على عوائد فضله العميم، واختصاصا بما آتاه من ملكه وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ «٣» .
يحمده أمير المؤمنين على ما منح في أيّامه الدّين من اعتضاده بحسامه، والاعتماد في ملك المسلمين على من يجعل جباه ملوك الشّرك تحت أقدامه، والاعتداد بمساعي من حصونه في الجهاد ظهور جياده وقصوره أطراف حسامه.
ويشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة حاكم بما أراه، حامد له في ملك الإسلام على تيسّر ما وطّده ورفع ما عراه «٤» ، معتصم به في كلّ ما أثبته بالحق من قواعد الدّين «٥» في جهاد أعداء الدّين عن سيره في ذلك وسراه؛ وأن محمدا عبده ورسوله الذي جعله «٦» من عصبته الشريفة وعصبته، وشرّفه بوراثة خلافته في أمّته [ورفع] قدر رتبته، وقصره على إقامة من يرهب العدا بنشر دعوته في الآفاق مع مواقع رغبته؛ ويسأله أن يصلّي عليه صلاة تفتح له في الدنيا إلى العصمة طريقا، وتجعله في الأخرى معه ومع الّذين أنعم الله عليهم من آبائه الشّهداء