للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصالحين وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً

«١» ؛ وسلّم تسليما كثيرا.

وإنّ أمير المؤمنين لما اختصّه الله به من البرّ «٢» المودع في قلبه، والنّور الذي أصبح فيه على بيّنة من ربّه؛ والتأييد المنتقل إليه عمّن شرف بقربه، والنصّ الذي أسرّه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جدّه العبّاس من بقاء هذا الأمر في ورثته دون أقاربه وصحبه؛ لم يزل يرغب إلى الله سبحانه «٣» ويستخيره في إقامة من ينهض في ملك الإسلام حقّ النّهوض، ويفوّض إليه الأمانة إلى من يرى «٤» أداء الأمانة فيهم من آكد الفروض؛ ومن إذا قال النفير يا خيل الله اركبي سابقت خيله خياله، وجازت عزائمه نصاله؛ وأخذ عدوّ الدّين من مأمنه، وغالب سيفه «٥» الأجل على انتزاع روحه من بدنه؛ وقاتل لتكون كلمة الله هي العليا، وجاهد لإقامة منار الإسلام لا للتعرّض إلى عرض الدنيا؛ وقدّمت له ملوك الدنيا حصونها، وبذلت له مع الطاعة مصونها؛ وأقيم له بكلّ قطر منبر وسرير، وجمع ملوك العدا في رقّ طاعته وهو «٦» على جمعهم إذا يشاء قدير؛ ومن يقيم العدل على ما شرع، والشرع على ما أخذ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمع؛ ويميت البدع بإحياء السّنن، ويعلم أنّ الله جعل لخلقه على لسان نبيّه محمد صلى الله عليه وسلم سننا ولا يعدل بهم عن ذلك السّنن.

ولما كان السّلطان الملك المنصور حسام الدنيا والدّين أبو الفتح «لاچين المنصوري» - خلّد الله سلطانه- هو الذي جعل [الله] صلاح الأمة على يديه، واختاره لإقامة دينه فساق ملك الإسلام عنوة إليه؛ وأنهضه بذلك وقد أمدّه بجنود نصره، وأنزل سكينته عليه وجمع قلوب أهل الإسلام على حبّه؛ وفرّق أعداء الدّين

<<  <  ج: ص:  >  >>