موالاتك العقائد، واستبشروا منك بمبارك الوجه ماجد جائد؛ ولم يغب غائب خليفته جيش أبيه وجدّه الصاعد؛ ورفعت الممالك يد الضّراعة سائلة وراغبة، وخطبتك لعقائلها ومعاقلها والخطباء على المنابر لك خاطبة وبدعائك مخاطبة؛ وقصدت لذلك أبوابك التي لا تزال تقصد، ودعيت للعود المبارك وعود محمّد للأمّة المحمديّة أحمد؛ وفعلت الجيوش المنصورة من طاعتك كلّ ما سرّ، وأربت في صدق النيّات وبرّها على كل من برّ:
ولو انّ مشتاقا تكلّف فوق ما ... في وسعه لسعى إليك المنبر!
فما ضرّ بحمد الله بعد الدار والآمال بساكنها مطيفة، بل كان لك الذّكر «١» في قلب الخليفة نعم الخليفة؛ وكنت لديه- وإن غبت- حاضرا بجميل الذّكر، ونأيت دارا فقرّ بك إليه حسن التصوير في الفكر. وكان أمير المؤمنين قد شاهدك يافعا، وشهد خاطره أن ستصير للمسلمين نافعا؛ وتأمّل منك أمائر أضحى لها لترقّيك آملا، وهلالا دلّته كرامته- ولا تنكر الكرامة- على أن سيكون بدرا كاملا؛ وبلغه عنك من العدل والإحسان، ما أعجز وصفه بلاغتي القلم واللّسان؛ فناداك نداءه «٢» على بعد المزار، ولم يجد لك نظير أفأطال وأطاب لمقدمك السعيد الانتظار؛ إلى أن أقدمت إقدام اللّيث، وقدمت إلى البلاد المتعطّشة إلى نظرك الشريف قدوم الغيث؛ فلاح بك على الوجود دليل الفلاح، وحمد الرعايا سراك عند الصبّاح والاستصباح وشاهدوا منك أسدا فاق بوثباته وثباته الأول، وشخصا لا يصلح إلّا لإدالة دول ولا تصلح إلا لمثله الدّول؛ وقامت باختبارك على اختيارك الدّلائل، وعرفك سرير الملك وعرف فيك من أبيك شمائل؛ ورأى أمير المؤمنين من نجابتك فوق ما أخبرت به مساءلة الرّكبان، ومن مهابتك ما دلّ على خفض الشانيء ورفع الشان؛ ومن محامدك كلّ ما صغّر الخبر عنها الخبر، وأعلنت ألسنة الأقدار