إلى مستحقّيها ولو تمادت الأيّام على اغتصابها، وإقرارها عند من هو دون الورى أولى بها: ليحقّق أنّ نسبه الشريف أظهر على أوامره دلائل الإعجاز، وحلّى كلماتها بالإيجاز وهباتها بالإنجاز؛ وإنّ الله جعل الاسم الشريف الحاكميّ في الحكم بأمره على خير مسمّى، وقوّى منه في تأييد كلمة الحقّ جنانا وعزما، ولم يخرج من أحكامه عن اتّباع أمر الله قضيّة ولا حكما؛ وكنت أيّها السيد، العالم العادل، السلطان، الملك، الناصر؛ ناصر الدنيا والدين، أبو الفتح محمد ابن السلطان الشهيد الملك المنصور، سيف الدين قلاوون- قدّس الله روحه- أولى الأولياء بالملك الشريف: لما لسلفك من الحقوق، وما أسلفوه من فضل لا يحسن له التناسي ولا العقوق؛ ولما أوجب لك على العساكر الإسلامية سابق الأيمان، وصادق الإيمان: ولأنك جمعت في المجد بين طارف وتالد، وفقت بزكيّ نفس وأخ ووالد؛ وجلالة، ما ورثتها عن كلالة؛ وخلال، مالها بالسّيادة إخلال؛ ومفاخر، تكاثر البحر الزاخر؛ ومآثر، أعجز وصفها الناظم والناثر؛ وكان ركابك العالي قد سار إلى الكرك المحروس، وقعدت عنك الأجسام وسافرت معك النّفوس؛ ووثقت الخواطر بأنّك إلى السلطنة تعود؛ وأنّ الله تعالى يجدّد لك صعودا إلى مراتب السّعود؛ وأقمت بها وذكرك في الآفاق سائر، والآمال مبشّرة بأنك إلى كرسيّ مملكتك صائر. فلمّا احتاج الملك الشريف في هذه المدّة إلى ملك يسرّ سريره، وسلطان تغدو باستقراره عيون الأنام والأيّام قريرة: لما للمسلمين في ذلك من تيسير أوطار وتعمير أوطان، ولأنهم لا ينفذون في المصالح الإسلاميّة إلا بسلطان؛ لم يدر في الأذهان، ولا خطر لقاص ولا دان؛ إلّا أنك أحقّ الناس بالسلطنة الشريفة، وأولاهم برتبتها المنيفة، ولا ذكر أحد إلّا حقوق بيتك وفضلها، ولا قال عنكم إلّا بقول الله: وَكانُوا أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها
«١» : لأنّ البلاد فتوحات سيوفكم، ورعاياها فيما هم فيه من الأمن والخير بمنزلة ضيوفكم؛ ولأنّ العساكر الإسلاميّة استرقّهم ولاؤك، ووالوك لأنهم أرقّاؤك؛ فلم يقل أحد:
أنّى له الملك علينا؟ بل أقرّ كلّ منهم لك باليد وقرّ بولايتك عينا؛ وأخلصوا في