للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحمد لله الذي اختار أمير المؤمنين من سلالة عمّ نبيّه العباس، واصطفى بيته المبارك من خير أمّة أخرجت للناس؛ وقوّى به جأش المسلمين وجيوش الموحّدين على الملحدين، وآتاه بسيادة جدّه وسعادة جدّه ما لم يؤت أحدا من العالمين؛ وحفظ به للمؤمنين ذماما، وجعله للمتّقين إماما؛ وخصّه بمزيد الشرفين: نسبه ومنصبه، وجعل مزيّة الرتبتين كلمة باقية في عقبه، وصان به حوزة الدّين صيانة العرين بالأسود، وصيّر الأيدي البيض مشكورة لحاملي راياته السّود.

يحمده أمير المؤمنين حمد من اختاره من السّماء فاستخلفه في الأرض، وجعل إمرته على المؤمنين فرضا لتقام به السّنّة والفرض؛ ويشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى «١»

«٢» ؛ ويشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي كشف بمبعثه عن القلوب حجب الغيّ، وأشرقت أنوار نبوّته فأضاء لها يوم دخوله المدينة كلّ شيّ؛ صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين منهم من أقامه في الإمامة مقامه وأشار إلى الاقتداء به من بعده، ومنهم من أعزّ الله به الإسلام في كلّ قطر مع قربه وبعده؛ ومنهم من كانت اليد الشريفة النبويّة في بيعة الرّضوان خيرا له من يده، ومنهم من أمر الله تعالى بالمباهلة «٣» بالأبناء والنّفوس فباهل «٤» خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم به وبزوجه وولده؛ وعلى بقيّة العشرة، الذين غدت بهم دعوة الحقّ مشتهرة منتشرة؛ وعلى عمّيه «٥» أسد الله وأسد رسوله عليه السلام، وجدّ الأئمة المهديّين أمراء المؤمنين وخلفاء الإسلام، وسلم تسليما كثيرا.

وإنّ الله تعالى جعل سجيّة الأيّام الشريفة الإماميّة الحاكميّة أدام الله إشراقها، وقسم بها بين الأولياء والأعداء آجالها وأرزاقها؛ ردّ الحقوق إلى نصابها، وإعادتها

<<  <  ج: ص:  >  >>