للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زالت الأولياء تتخيّل مخايل السّلطنة في أعطافه معنى وصورة، والأعداء يرومون إطفاء ما أفاضه الله عليه من أشعّة أنواره: وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ

«١» . طالما تطاولت إليه أعناق الممالك فأعرض عنها جانبا، وتطفّلت على قربه فكان لها- رعاية لذمّة الوفاء- مجانبا؛ حتّى أذن الله سبحانه لكلمة سلطانه أن ترفع، وحكم له بالصّعود في درج الملك إلى المحلّ الأعلى والمكان الأرفع، وأدّى له من المواهب ما هو على اسمه في ذخائر الغيوب مستودع.

فعند ذلك استخار الله تعالى سيدنا ومولانا الإمام المستكفي بالله أمير المؤمنين أبو الربيع سليمان، ابن الإمام الحاكم (وذكر نسبه على العادة) جعل الله الخلافة كلمة باقية في عقبه، وأمتع الإسلام والمسلمين بشرفي حسبه ونسبه؛ وعهد إلى المقام العالي السلطانيّ بكلّ ماوراء سرير خلافته، وقلّده جميع ما هو مقلّده من أحكام إمامته؛ وبسط يده في السلطنة المعظّمة، وجعل أوامره هي النافذة وأحكامه هي المحكّمة، وذلك بالديار المصرية، والممالك الشاميّة، والفراتيّة، والجبليّة، والساحليّة، والقلاع والثّغور المحروسة، والبلاد الحجازيّة، واليمانية، وكلّ ما هو إلى خلافة أمير المؤمنين منسوب، وفي أقطار إمامته محسوب، وألقى إلى أوامره أزمّة البسط والقبض، والإبرام والنّقض، والرّفع والخفض؛ وما جعله الله في يده من حكم الأرض، ومن إقامة سنّة وفرض؛ وفي كلّ هبة وتمليك، وتصرّف في ولاية أمور الإسلام من غير شريك؛ وفي تولية القضاة والحكّام، وفصل القضايا والأحكام؛ وفي سائر التحكّم في الوجود، وعقد الألوية والبنود، وتجنيد الكتائب والجنود، وتجهيز الجيوش الإسلامية من التأييد «٢» إلى كلّ مقام محمود؛ وفي قهر الأعداء الذين نرجو بقوّة الله تعالى أن يمكّنه من نواصيهم، ويحكّم قواضبه «٣» في استنزالهم من صياصيهم «٤» ، واستئصال شأفة عاصيهم؛ حتّى يمحو

<<  <  ج: ص:  >  >>